وقال صاحب الكشاف (١) : إن قلت : أي فائدة في ذكر الصدور؟
قلت : الذي قد تعورف واعتقد : أن العمى على الحقيقة مكانه البصر ، وهو [أنتصاب](٢) الحدقة بما يطمس نورها. واستعماله في القلب استعارة ومثل ، فلما أريد [إثبات](٣) ما هو خلاف الحقيقة المعتقد من نسبة العمى إلى القلوب حقيقة ونفيه عن الأبصار ، احتاج هذا التصوير إلى زيادة تعيين وفضل [تعريف ، ليتقرر](٤) أن مكان العمى هو القلب لا الأبصار ، كما تقول : ليس المضاء للسيف ، ولكنه للسانك الذي بين فكّيك ، فقولك : " الذي بين فكّيك" تقرير لما ادّعيته للسانه [وتثبيت ، لأن محل المضاء هو هو لا غير](٥) ، وكأنك قلت : ما نفيته عن السيف وأثبته للسانك قلته لا سهوا مني ، ولكني تعمدته تعمدا.
أخبرنا الشيخ عبد العزيز بن معالي بن غنيمة بن منينا قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا عبد الملك بن محمد بن بشران [الواعظ](٦) ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون المعوذي ، حدثنا عمرو بن الحباب (٧) ، حدثنا
__________________
(١) الكشاف (٣ / ١٦٤).
(٢) في الأصل وب : ارتكاب. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.
(٣) زيادة من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٤) في الأصل : وتعريف لتقرر. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٥) زيادة من الكشاف (٣ / ١٦٤).
(٦) في الأصل : الوعظ. والتصويب من ب.
(٧) عمرو بن الحباب البصري ، أبو عثمان العلاف ، ويقال : الصباغ ، كان بالمربد ، مقبول (تهذيب التهذيب ٨ / ١٥ ، والتقريب ص : ٤١٩).