قال ابن عباس : منهم خليل الله إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وقوم كانوا معه ومن بعده نشروا بالمناشير على دين الله ، فلم يرجعوا عنه (١).
فإن قيل : بما ذا يتصل قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا)؟
قلت : جائز أن يتصل ب" أحسب" ، وجائز أن يتصل ب" لا يفتنون".
(فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) أي : ليعلمن الله ذلك واقعا.
وقال مقاتل (٢) : المعنى : فليرين الله الذين صدقوا في إيمانهم عند البلاء ، فصبروا لقضاء الله ، وليرين الذين كذبوا في إيمانهم ، فشكوا عند البلاء.
ويجوز أن يكون ذلك وعدا ووعيدا ، كأنه قيل : وليثبتن الله الذين صدقوا ، وليعاقبن الكاذبين.
وقال أبو الفتح ابن جني (٣) : هو على إقامة السبب مقام المسبب ، والغرض فيه : فليكافئن الله الذين آمنوا ، وذلك أن المكافأة على الشيء إنما هي مسببة عن علم ،
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤١٢ ـ ٤١٣).
ويؤيد هذا القول ما جاء في البخاري (٦ / ٢٥٤٦ ح ٦٥٤٤) عن خباب بن الأرت قال : «شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا؟ فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون».
(٢) تفسير مقاتل (٢ / ٥١٠).
(٣) المحتسب (٢ / ١٥٩).