(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ) قال أكثر المفسرين : يقضي بين أهل الكتاب.
ويجوز أن يكون المعنى : يقضي بين المؤمنين والكافرين بالقرآن.
وقد تقدم ذكر الفريقين ، ويعني «بحكمه» : بعدله.
وقيل : أراد بحكمته. ويدل عليه قراءة أبي المتوكل وعاصم الجحدري : «بحكمه» بكسر الحاء وفتح الكاف (١) ، جمع حكمة.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب فلا يرد حكمه وقضاؤه ، (الْعَلِيمُ) بما يقضي بين المختلفين.
وفي قوله : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) أوضح بيان وأنور برهان ، على أن المحق حقيق بالوثوق بالله تعالى ، خليق بالاعتماد عليه ، وأنه جدير بالنصر ، وإن قلّت أنصاره.
قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) هذا مثل للكفار ، شبّههم الله تعالى لعدم إصاختهم إلى الحق وإفراط إعراضهم عنه بالموتى الذين فقدوا آلة السماع ، وكذلك شبههم أيضا بالصّمّ فقال : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) ، ثم أكّد ذلك بقوله : (إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)؛ لأنهم في هذه الحالة أبعد عن إدراك النداء.
وقرأ ابن كثير : «ولا يسمع» بياء مفتوحة مع فتح الميم ، «الصّم» بالرفع ، على الإخبار عنهم (٢).
__________________
(١) انظر هذه القراءة في زاد المسير (٦ / ١٨٩) ، والدر المصون (٥ / ٣٢٧).
(٢) الحجة للفارسي (٣ / ٢٤٥) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٥٣٦) ، والكشف (٢ / ١٦٥) ، والنشر (٢ / ٣٣٩) ، والإتحاف (ص : ٣٣٩) ، والسبعة (ص : ٤٨٦).