يَشْعُرُونَ). يعني : أنهم لو شعروا لم يفعلوا ، وسروره بما آتاه الله [مما](١) لم يؤت أحدا : من إدراكه بسمعه ما همس به بعض الحكل (٢) الذي هو مثل في الصغر والقلّة ، ومن إحاطته بمعناه. ولذلك اشتمل دعاؤه على [استيزاع](٣) الله شكر ما أنعم [به](٤) عليه من ذلك ، فقال : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ).
قال الزجاج (٥) : تأويله في اللغة : كفّني عن الأشياء إلا عن شكر نعمتك.
(الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) قال الزجاج (٦) : إنما أدرج ذكر والديه ؛ لأن النعمة على الولد نعمة على الوالدين ، [خصوصا](٧) النعمة الراجعة إلى الدين ، فإنه إذا كان تقيا نفعهما بدعائه وشفاعته ، وبدعاء المؤمنين لهما بسببه.
ويحتمل عندي : أن يكون سأل ربه أن يلهمه شكر نعمته عليه ونعمته على والديه ؛ لأن النعمة عليهما نعمة عليه.
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢١)
قوله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) أي : طلب ما فقد منه ، (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى
__________________
(١) في الأصل وب : ما. والمثبت من الكشاف (٣ / ٣٦٢).
(٢) الحكل من الحيوان : ما لا يسمع له صوت كالذر والنمل (اللسان ، مائدة : حكل).
(٣) في الأصل : استرجاع. والتصويب من ب ، والكشاف (٣ / ٣٦٢).
(٤) زيادة من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٥) معاني الزجاج (٤ / ١١٢ ـ ١١٣).
(٦) لم أقف عليه في المطبوع من معاني الزجاج.
(٧) في الأصل : خصوصة. والتصويب من ب.