جديدا من الماء غير الفرد السابق من الماء الذي تحول إلى بخار ، وفي هذه الحالة لا حاجة إلى قاعدة الطهارة ، بل نرجع في إثبات طهارة هذا الفرد الجديد من الماء إلى الأدلة الاجتهادية ، أي إلى الاطلاقات الدالة على طهارة الماء ـ على القول بوجودها ـ لأن الشك في طهارة الفرد الجديد من الماء هو في الحقيقة شك في تخصيص زائد لتلك الاطلاقات ، وليس شبهة مصداقية.
وبكلمة أخرى : يوجد ماءان : أحدهما الماء المتنجس المتبخر ، والآخر الماء المتحول إليه ذلك البخار ، والاطلاقات تشمل كلا الماءين في نفسها ، ولكن الأول خرج بدليل انفعال الماء بالملاقاة ، وأما الثاني فلا موجب لخروجه ، فيتمسك بنفس الاطلاقات لإثبات طهارته.
هذا كله على فرض الالتزام بأن البخار حقيقة نوعية مغايرة عرفا للماء كما أشرنا إليه. وأما لو قيل بأن البخار ليس حقيقة نوعية مغايرة ، وإنما هو نفس الأجزاء المائية ، غاية الأمر أن هذه الأجزاء لشدة صغرها وتشتتها خرجت عرفا عن القابلية للحكم بالنجاسة عليها ، وتحول البخار إلى ماء معناه تجمع تلك الأجزاء الصغيرة مرة أخرى. ولو قيل بهذا فالماء المتكون من البخار نفس الماء السابق الذي تحول إلى البخار ، فهناك ماء واحد دقّت أجزاؤه وتشتت ثم تجمعت ، من قبيل ما إذا استهلك المتنجس في المعتصم ثم أمكن استخراجه وعزل تمام أجزائه وتجميعها مرة أخرى.
والمرجع عندئذ هو نفس الإطلاق في دليل انفعال الماء بالملاقاة ، إذ بعد فرض أن هذا الماء هو نفس ذلك الماء الذي حكم بانفعاله قبل التبخر بدليل الانفعال ، فيشمله الإطلاق الأحوالي لدليل الانفعال ، إذا كان فيه إطلاق أحوالي ، وإذا لم يكن فيه إطلاق أحوالي ـ كما لو فرض أن دليل الانفعال كان دليلا لبيا وكان القدر