الأصل في المعاملات اللزوم ، إذ أن الحديث ظاهر في أنّ المجعول هو السلطنة
المطلقة غير المحدودة بشيء ، فإذا تحققت إضافة الملكية بالمعاطاة مثلا وقعت جميع
شئون المملوك تحت اختيار المالك الفعلي وسلطنته ، ولم يجز لغيره ـ سواء كان هذا
الغير المالك الأول أم شخصا أجنبيا ـ أن ينتزع المال من مالكه بدون رضاه ، ومن
المعلوم إن المال لو لم يكن ملكا لازما للمتعاطي لجاز للمالك الأول أن يسترده منه
، ولم تكن سلطنة المتعاطي مطلقة ، بل كانت مقيدة بعدم رجوع الطرف ، مع أن مدلول
الحديث سلطنة المالك مطلقة وغير مقيدة برجوع الآخر وعدم رجوعه ، وهذا هو اللزوم.
وقد يعترض على
الاستدلال بأنه : تشبث بالحديث في الشبهة المصداقية ، لأن موضوع السلطنة هو المال
المضاف إلى المالك ، وأن السلطنة مترتبة على هذه الإضافة ترتب الحكم على موضوعه ،
ومن المعلوم أن إطلاق السلطنة ـ كسائر الأحكام ـ لا يقتضي حفظ الموضوع ، إذ ليس
شأن الحكم ذلك ، بل الحكم يثبت على تقدير وجود الموضوع من باب الاتفاق ، فالحفاظ
على ملكية المال للمالك خارج من مدلول السلطنة التي هي متفرعة على هذه الإضافة ،
ولعلّ رجوع المالك الأول يرفع موضوع السلطنة وهو ملكية المال للمالك الآخر ،
لاحتمال خروجه عن ملكه برجوع مالكه الأصلي ، وحينئذ لا يمكن تطبيق القاعدة ، لعدم
إحراز موضوعها.
فإنه يرد على
الاعتراض : إن مقتضى إطلاق السلطنة الفعلية للمالك على ماله هو المنع عن المزاحمات
التي منها تملك الغير له بالفسخ ، فإن تملك الغير ينافي سلطنة المالك بداهة ،
فالقاعدة تقتضي عدم تأثير الفسخ في رجوع المال إلى ملك مالكه الأول ، ولا نعني
باللزوم إلّا عدم نفوذ تملك المالك الأصلي له بالفسخ.
فاحتمال خروج
المال عن ملك المالك بلا إذنه منفي بقاعدة السلطنة ، فليست الشبهة مصداقية حتى لا
يجوز التمسك