(قالُوا) يريد ذلك الذي سمع إبراهيم يقول : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ ..). الآية ، ـ وإنما جمع ؛ لأنه لا يكاد ينفكّ عن قوم هم على مثل رأيه يضامّونه في القول ، أو يشهدون بصدقه ، لما ألفوا وعرفوا من عداوة إبراهيم لآلهتهم ـ : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ) أي : يعيبهم. وقد ذكرنا هذا المعنى آنفا.
(يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) كأنهم قالوا ذلك للملأ ، منهم نمروذ وأصحابه ، وكانوا لا يعرفون إبراهيم ، فلذلك قالوا : " يقال له إبراهيم" ، ويدلّك أيضا على أن الخطاب للملك وأتباعه.
قوله : (قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ) أي : بمرأى منهم ، وهو في محل الحال (١) ، بمعنى : ... (٢) (لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) عليه بما نسب إليه.
قال الحسن : كرهوا أن يأخذوه بغير بيّنة (٣).
وقال ابن إسحاق : المعنى : لعلّهم يشهدون عقابه (٤).
فانطلقوا به إلى نمروذ فقال له : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ)؟.
(قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) أي : فعله غضبا وحميّة أن تعبدوا معه الآلهة الصغار ، (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) نسب إبراهيم عليهالسلام الفعل الصادر
__________________
(١) التبيان (٢ / ١٣٤) ، والدر المصون (٥ / ٩٦).
(٢) بياض في ب قدر نصف سطر.
(٣) أخرجه الطبري (١٧ / ٤٠) ، وابن أبي حاتم (٨ / ٢٤٥٥) كلاهما عن قتادة. وذكره الماوردي (٣ / ٤٥١) ، والواحدي في الوسيط (٣ / ٢٤٢) ، والسيوطي في الدر المنثور (٥ / ٦٣٧) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري (١٧ / ٤٠). وذكره الماوردي (٣ / ٤٥١) ونسبه لابن عباس ، وابن الجوزي في زاد المسير (٥ / ٣٥٩).