قوله تعالى : (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) أي : يتخفّى أياما يدبر كيف يصنع في أمرها ، هل يقتلها أم لا؟ وهو قوله : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) أي : أيمسك ما بشر به على هون ، أي : هوان ، وكذا قرأ ابن مسعود (١) ، (أَمْ يَدُسُّهُ) يخفيه (فِي التُّرابِ) بالوأد خوفا من الفضيحة والعار ، وحذارا من الفقر عليها ، فيطمع فيها غير الأكفاء.
وكان صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم جد الفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية الشاعر إذا أحسّ بشيء من ذلك ، وجّه إلى والد البنت إبلا ليستبقيها ، فقال الفرزدق يفتخر :
ومنّا الذي منع الوائدات |
|
فأحيا الوئيد فلم يوأد (٢) |
ويروى : وجدّي الذي منع الوائدات.
وقال الثعلبي (٣) : صعصعة عم الفرزدق ، وهو شيء قد قيل ، لكنه وهم عندهم.
وقال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رضي الله عنه حين استشهد ببيت الفرزدق في سورة التكوير (٤) : يعني : صعصعة [بن](٥) صوحان ، وهو جدّ الفرزدق.
وهذا وهم ؛ لأن صعصعة بن صوحان من عبد القيس ، والأمر كما حققته
__________________
(١) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٤ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩).
(٢) البيت للفرزدق ، انظر : اللسان (مادة : وأد) ، والقرطبي (١٠ / ١١٧ ، ١٩ / ٢٣٣) ، والبغوي (٣ / ٧٣) ، وزاد المسير (٩ / ٤٠) ، وروح المعاني (٣٠ / ٥٣).
(٣) تفسير الثعلبي (٦ / ٢٣).
(٤) زاد المسير (٩ / ٤٠).
(٥) زيادة من زاد المسير ، الموضع السابق.