للحوت سربا ، وكان لموسى وفتاه (١) عجبا. فقال موسى : ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا. قال : رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة ، فإذا رجل مسجّى (٢) ثوبا ، فسلّم عليه موسى ، فقال الخضر : وأنّى بأرضك السّلام؟ قال : أنا موسى ، قال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم ، أتيتك لتعلّمني مما علّمت رشدا. قال : إنك لن تستطيع معي صبرا يا موسى ، إني على علم من علم الله تعالى علّمنيه لا تعلمه ، وأنت على علم من الله علمكه الله لا أعلمه. فقال موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. فقال له الخضر : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرّت سفينة فكلّموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر ، فحملوا بغير نول (٣) ، فلما ركبا السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم (٤) ، فقال له موسى : قوم قد حملونا بغير نول ، عمدت إلى سفينتهم [فخرقتها](٥) لتغرق أهلها ، لقد جئت شيئا إمرا ، قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا. قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كانت الأولى من موسى نسيانا. قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخضر : ما علمي وعلمك من علم الله تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من
__________________
(١) في ب : ولموسى ولفتاه.
(٢) مسجّى : أي : مغطّى (اللسان ، مادة : سجا).
(٣) بغير نول : أي : بغير أجر ولا جعل (اللسان ، مادة : نول).
(٤) القدوم : آلة للنجر والنحت (المعجم الوسيط ٢ / ٧٢٠).
(٥) في الأصل : خرقتها. والتصويب من ب ، والبخاري (٤ / ١٧٥٣).