ارتقاب العذاب ، فلم يكن الثاني متصلا بالأول ، ولا تحقق فيه معنى التعقيب.
قوله تعالى : (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) قال ابن الأنباري (١) : هو معطوف على محذوف ، تقديره : نجيناهم من العذاب ومن خزي يومئذ.
ويجوز أن تكون الواو دخلت لفعل مضمر ، تأويله : نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من خزي يومئذ.
قرأ نافع والكسائي : «يومئذ» بفتح الميم ، ومثله في النمل ، وسأل سائل ؛ ووافقهما عاصم وحمزة في النمل ، والباقون بكسر الميم للإضافة (٢) ، ومن فتح بنى «يوما» على الفتح ؛ لأن ظروف الزمان إذا أضيفت إلى الأسماء المبهمة والأفعال الماضية بنيت واكتسبت البناء من المضاف إليه ، كما قال النابغة :
على حين عاتبت المشيب على الصّبا |
|
فقلت ألّما أصح والشّيب وازع؟ (٣) |
فبنى «حين» على الفتح ؛ لأنه أضاف الماضي ، والمضاف يكتسي من المضاف إليه البقاء ، كما يكتسى منه التعريف والتنكير والعموم وغيره ، وجاء التنوين في «إذ» من قوله : «يومئذ» ؛ لأن «إذ» مضاف إلى الجملة ؛ كقولك : حينئذ إذ الخليفة
__________________
(١) انظر : الوسيط (٢ / ٥٨٠) ، وزاد المسير (٤ / ١٢٣) ، والبيان (٢٩).
(٢) الحجة للفارسي (٢ / ٤٠٢) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٤٤) ، والكشف (١ / ٥٣٢ ـ ٥٣٣) ، والنشر (٢ / ٢٨٩) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٥٧) ، والسبعة في القراءات (ص : ٢٣٦).
(٣) البيت للنابغة. انظر : ديوانه (ص : ٧٩) ، والكتاب (٢ / ٣٣٠) ، واللسان ، مادة : (بهر ، وزع) ، وابن الشجري (١ / ٤٦) ، وابن يعيش (٣ / ١٦) ، والخزانة (٣ / ١٥١) ، والعين (٢ / ٤٠٦) ، والمنصف (١ / ٥٨) ، واللمع (١ / ٢١٨) ، وشرح شواهد المغني (ص : ٢٩٨) ، والطبري (٧ / ١٤١ ، ١٩ / ١٤٢ ، ٣٠ ـ ٩٠) ، والقرطبي (٦ / ٣٨٠ ، ١٣ / ١٦٨) ، والوسيط (٢ / ٥٨٠) ، وروح المعاني (١٢ / ٩٢).