قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) قال ابن عباس : عذابنا (١).
وقال غيره : جاء أمرنا بهلاكهم ، (نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) أي : بسبب رحمة منا ، وهو ما أنعم به عليهم من التوفيق للهدى والإيمان ، (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) ليس هذا على وجه التكرار للتنجية ، وإنما المعنى : وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ.
وقيل : أراد بالتنجية الثانية : التنجية من عذاب الآخرة.
(وَتِلْكَ عادٌ) يريد : القبيلة.
قال الزمخشري (٢) : (تِلْكَ عادٌ) إشارة إلى قبورهم وآثارهم ، كأنه قال : سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا.
ثم استأنف وصف أحوالهم فقال : (جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ) وإنما وصفهم بمعصية جميع الرسل ؛ لأنهم عصوا رسوله ، ومعصية رسول واحد معصية لجميع الرسل ؛ لأن الرسل يشهد بعضها لبعض بالصدق ، ويأمر بعضها بطاعة بعض ، (وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) أما الجبار فهو المسلّط الذي يقهر الناس على ما يريد. تقول : أجبر يجبر فهو مجبر.
وذكر الفراء (٣) أنه سمع العرب تقول : جبرته ، بمعنى : الإجبار ، وعلى هذه اللغة قولهم : جبّار ؛ لأن فعّالا لا يكاد يجيء إلا من الثلاثي.
وقيل : جبّار من أجبر ، على غير قياس ، ومثله : درّاك من أدرك ، وحسّاس من
__________________
(١) زاد المسير (٤ / ١٢٠).
(٢) الكشاف (٢ / ٣٨٣).
(٣) لم أقف عليه في معاني الفراء.