جريج والشعبي ـ بظاهر هذه الآية وقالوا : لم يكن ابنه ، وإنما فجرت به أمه وولدته على فراش نوح ، والأكثرون على خلافه ؛ لقوله : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ)(١).
قال ابن عباس وابن مسعود : ما بغت امرأة نبي قط (٢).
فإن قيل : ما الحكمة في جواز أن تكون امرأة النبي كافرة ولا تكون فاجرة؟
قلت : لأن فجور المرأة يلبس زوجها ثوب عار وشنار ، تنفر النفوس الأبية عن الانقياد للمشتمل به ، بخلاف كفرها ، والأنبياء منزّهون معصومون من الكبائر والرذائل والنقائص المنفرة.
فإن قيل : فما تصنع بقوله : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)؟
قلت : المعنى : ليس من أهلك الذي وعدتك بإنجائهم ؛ لأنه إنما وعده بإنجاء من لم يسبق عليه القول ، أو ليس من أهل دينك.
(إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) قال ابن عباس وقتادة : المعنى : أن سؤالك فيه عمل
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٠). وانظر : الماوردي (٢ / ٤٧٥) ، وزاد المسير (٤ / ١١٣).
قال الحافظ ابن كثير (٢ / ٤٤٩) : وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن زنية.
ويحكى القول بأنه ليس بابنه وإنما كان ابن امرأته ؛ عن مجاهد ، والحسن ، وعبيد بن عمير ، وأبي جعفر الباقر ، وابن جريج.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥١). وبنحوه عند ابن أبي حاتم (٦ / ٢٠٤٠). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٤٣٨) وعزاه لعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن عساكر عن ابن عباس.
قال ابن كثير (٢ / ٤٤٩) : وكذا روي عن مجاهد أيضا وعكرمة والضحاك وميمون بن مهران وثابت بن الحجاج ، وهو اختيار أبي جعفر بن جرير الطبري ، وهو الصواب الذي لا شك فيه.