فنفى عن نفسه وعنهم القدرة وأثبتها لله ، فقال : (إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ* وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ) وجزاء الشرط في قوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) ما دل عليه قوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي).
ومعنى «يغويكم» : يضلّ كّم ويهلككم.
قال ابن السكيت (١) : من قولك : غوى الفصيل يغوي غوى ؛ إذا لم يرو من لبأ أمه حتى يموت هزالا (٢).
وقال غيره : هو أن يكثر من شرب اللبن حتى يهلك (٣).
(هُوَ رَبُّكُمْ) يتصرف فيكم كيف شاء بالإغواء والإرشاد (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يوم المعاد.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٣٥)
(أَمْ يَقُولُونَ) بل يقولون (افْتَراهُ) اختلق الوحي وأتى به من عند نفسه ، (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي) إثم إجرامي ، والإجرام : اكتساب السيئة.
وقرأت لأبي عمرو من رواية عبد الوارث عنه : «أجرامي» بفتح الهمزة ، وهي قراءة أبي المتوكل وابن السميفع (٤) ، وهو جمع جرم.
قال صاحب الكشاف (٥) : المعنى : إن صح وثبت أني افتريته فعليّ عقوبة
__________________
(١) إصلاح المنطق (ص : ١٨٩).
(٢) انظر : اللسان (مادة : غوى).
(٣) مثل السابق.
(٤) زاد المسير (٤ / ١٠٠).
(٥) الكشاف (٢ / ٣٧١).