عن سبيل الله ، فهم أخسرون لمضاعفة العذاب لهم. وفي النحل أخبر عن قوم كافرين فقال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) [النحل : ١٠٧] ولم يذكر مضاعفة العذاب لهم فقال : (هُمُ الْخاسِرُونَ). هذا مع ما فيه من مراعاة الفواصل ، فإن ما قبلها هاهنا «يبصرون» و «يفترون» ، والتي في النحل فعلى وزان الكافرين والغافلين.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) * مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢٤)
قوله تعالى : (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي : اطمأنوا إليه وانقطعوا إلى عبادته بالخشوع والتواضع ، من الخبت ، وهي الأرض المطمئنة (١).
قال ابن عباس : خافوا ربهم وأنابوا إليه (٢).
قوله تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) يعني الكافرين والمؤمنين (كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) قال صاحب الكشاف (٣) : هو من اللف والطباق ، وفيه معنيان : أن يشبه الفريق [تشبيهين](٤) اثنين ، كما شبه امرؤ القيس قلوب الطير بالحشف والعناب.
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : خبت).
(٢) زاد المسير (٤ / ٩٢).
(٣) الكشاف (٢ / ٣٦٧).
(٤) في الأصل : بشبهين. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.