(ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) قال ابن عباس : أخبر الله تعالى أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة. فأما في الدنيا فإنه قال : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ). وأما في الآخرة فإنه قال : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ* خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ)(١) [القلم : ٤٢ ـ ٤٣].
وقال قتادة : صمّ عن سماع الحق فلا يسمعونه ، وما كانوا يبصرون الهدى (٢).
وقيل : المعنى : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون ، وبما كانوا يبصرون الهدى فلا ينظرون (٣) ولا يعتبرون ، فحذف الباء ، كما في قولهم : لأجزينك ما عملت وبما عملت. ذكره الفراء (٤) ، وأنشد :
تغالي اللّحم للأضياف نيّا |
|
وترخصه إذا نضج القدور (٥) |
أراد : تغالي باللحم.
وقيل : الضمير في قوله : (ما كانُوا) يعود إلى قوله : (مِنْ أَوْلِياءَ) ، وهي الأصنام التي اتخذوها آلهة ، فنفى صلاحيتهم للولاية بقوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) ، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس (٦).
فعلى هذا يكون قوله : (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) اعتراضا.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٢). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٤١٣) وعزاه لابن جرير وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٢) ، وابن أبي حاتم (٦ / ٢٠١٨). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤ / ٤١٤) وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وأبي الشيخ.
(٣) قوله : «ينظرون» مكرر في الأصل.
(٤) معاني الفراء (٢ / ٨).
(٥) انظر البيت في : اللسان ، مادة : (رخص ، سفه ، غلا) ، وزاد المسير (١ / ١٤٨ ، ٣ / ٣٩٨ ، ٤ / ٩١).
(٦) الطبري (١٢ / ٢٣) ، وزاد المسير (٤ / ٩١).