قوله تعالى : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) إن قيل : على أي شيء عطف قوله : «ثم آتينا»؟
قلت : قال الزجاج (١) : على معنى التلاوة (٢) ، التقدير : قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم ثم أتل عليكم ما آتاه الله موسى.
وقال الزمخشري (٣) : عطفه على «وصاكم».
فإن قلت : كيف [صحّ](٤) عطفه عليه ب «ثم» وإيتاء موسى الكتاب قبل التوصية بدهر طويل؟
قلت : هذه التوصية قديمة ، لم تزل [توصاها](٥) كلّ أمة على لسان نبيها ، كما قال ابن عباس : [محكمات](٦) لم ينسخهن شيء من جميع الكتب ، كأنه قيل : ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديما وحديثا.
ثم أعظم من ذلك أنّا آتينا موسى الكتاب [وأنزلنا هذا الكتاب](٧) المبارك.
وقيل : هو معطوف على ما تقدم قبل شطر السورة من قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) [الأنعام : ٨٤].
وقال غيره : تقديره : ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب ، ومثله قول الشاعر :
__________________
(١) معاني الزجاج (٢ / ٣٠٦).
(٢) أي : الانتقال من كلام لآخر بقطع النظر عن الزمن.
(٣) الكشاف (٢ / ٧٦ ـ ٧٧).
(٤) زيادة من الكشاف (٢ / ٧٦).
(٥) في الأصل : توصاتها. والتصويب من الكشاف ، الموضع السابق.
(٦) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٧) ما بين المعكوفين زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.