هذا من خطيئتي او قال : من ذنبي او كما قال.
فقال لأهل السفينة شدّوني وثاقا وألقوني في البحر فقالوا : ما كنّا لنفعل وحالك حالك ، ولكنا نقترع فمن أصابته القرعة ألقيناه في البحر. وقال بعضهم : لما ركدت السفينة فلم تسر ، لفّ نفسه في كسائه واراد أن يطرح نفسه في البحر فقالوا : لا ، ولكنا نقترع ، فمن اصابته القرعة القيناه في البحر. فاقترعوا ، فأصابته القرعة فقال : قد أخبرتكم. فقالوا : ما كنا لنفعل ، ولكن اقترعوا ، فاقترعوا الثّانية فأصابته القرعة. ثم اقترعوا الثّالثة ، فاصابته القرعة وهو قول الله : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) أي من المقروعين.
وقال مجاهد : من المسهومين اي وقع السهم عليه.
فانطلق إلى صدر السّفينة ليلقي / نفسه في البحر ، فإذا هو بحوت فاتح فاه [٢٠٢] فانطلق إلى ذنب السّفينة فإذا هو بالحوت فاتحا فاه ، ثم جاء إلى جنب السفينة فإذا هو بالحوت فاتحا فاه ، ثم جاء إلى الجنب الآخر فإذا هو بالحوت فاتحا فاه. فلما رأى ذلك ألقى نفسه فالتقمه الحوت. فأوحى الله إلى الحوت : لا تأكل عليه ولا تشرب. وقال : إنّي لم أجعله لك رزقا ولكنّي جعلت بطنك له سجنا. فمكث في بطن الحوت أربعين ليلة. (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) كما قال الله : (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(١)
قال الله : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِ)(٢). والظّلمات : ظلمة الليل ، وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.
قال : (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)(٣).
فأوحى الله إلى الحوت أن يلقيه إلى البر.
قال الله : (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) (١٤٥) وهو ضعيف مثل الصبيّ ، فأصابته حرارة الشّمس ، فأنبت الله عليه (شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) (١٤٦) ، وهي القرع ، فأظلّته فنام فاستيقظ وقد يبست فحزن عليها ، فأوحى الله إليه : أحزنت على هذه الشّجرة وأردت أن أهلك مائة ألف من خلقي أو يزيدون ، اي بل يزيدون.
قال يحيى : بلغنا انهم كانوا عشرين ومائة الف. فعلم عند ذلك انه قد ابتلي. فانطلق ، فإذا هو بذود من غنم. فقال للرّاعي : اسقني لبنا. فقال : ما هاهنا شاة لها
__________________
(١) الأنبياء ، ٨٧ ، ٨٨.
(٢) الأنبياء ، ٨٧ ، ٨٨.
(٣) الأنبياء ، ٨٧ ، ٨٨.