«المبحث الرابع في»
«عدم جواز التقليد في اصول الدين»
المشهور عدم
جواز التقليد فى اصول الدين وقيل بجوازه.
وهذه المسألة
من المشكلات فلنقدم ما يظهر به محل النزاع فنقول :
قولنا : يجوز
التقليد فى الاصول.
ان كان معناه
يجوز الاخذ بقول الغير فى الاصول ـ كما هو كذلك فى الفروع ـ فيشكل بان المعيار فى
الاصول الاذعان والاعتقاد وجواز الاذعان بقول الغير مما لا محصل له اذ ليس من
الامور الاختيارية حتى يصير موردا للتكليف فلا بد ان يتكلف ويراد بالاخذ بقول
الغير : العمل على مقتضاه ، فمن يقلد المجتهد الذى يقول بنبوة نبينا صلىاللهعليهوآله معنى تقليده ان يعمل على شريعته ويتبع سنته وان لم يحصل
له اذعان بحقيقته بالخصوص وان كان قد يحصل له الظن الاجمالى الذى بسببه يعتمد على
هذا المجتهد.
وان كان معناه
يجوز العمل بالجزم المطابق للواقع الغير الثابت كما هو مصطلح ارباب المعقول فيئول
النزاع فيه الى انه هل يجب عليه اقامة الدليل المفيد للثبوت على مقتضى جزمه ام لا.
واذ عرفت ان
العلم ليس من الامور الاختيارية فمن يقول بوجوب تحصيل القطع فى الاصول لا بد ان
يريد من ذلك وجوب النظر فيرجع القول بوجوب تحصيل العلم ووجوب النظر حتى يحصل العلم
باطلاقه ـ الى دعوى ان مسائل الاصول ـ كلها ـ مما ينتهى النظر فى ادلتها الى العلم
فمن لم يحصل له لم يؤد النظر حقه ولم يخل نفسه عن الشوائب وهو ـ فى المسائل
الخلافية فى غاية الصعوبة.
ودعوى كون كل
محق ـ فى نفس الامر ـ مؤديا نظره حق النظر وكل مبطل مقصرا فى غاية الاشكال ومجرد
الموافقة لنفس الامر والمخالفة بمحض الاتفاق لا يوجب الفرق كما لا يخفى.