قص القصة حتى قوله تعالى : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ)(١) ، ومما شجع القرظى على هذا الرأى ما وجد مكتوبا فى التوراة بعد خروج موسى وبنى إسرائيل من البحر وغرق فرعون وقومه فيقول القرظى «عندئذ قامت مريم ابنة عمران وأخت موسى وهارون النبيين بالضرب على الدف هى ونساء أخريات معها يسبحون الله ويشكرونه على فضله الذى أولاه بنى إسرائيل ، ويعنى القرظى إذا أن مريم هذه أم عيسى ، وهذا خطأ خطير جدا.
فى الحقيقة أن أم عيسى تسمى مريم وكانت هذه عادتهم وهى أن يسموا بأسماء أنبياءهم وصالحيهم.
ونص ابن كثير هذا هام فى كشفه لنا عن كاتب هذا الخلط بين مريم أخت موسى وهارون ومريم أم عيسى وهذا الكاتب ليس إلا محمد بن كعب القرظى ، وهو يقتبس قصة مريم من سفر الخروج ، صحاح ١٥ آيات ٢ ، ٢١ ، ونقرأ فيه :
«أخذت مريم النبيه أخت هارون وموسى الدف فى يدها وخرجت كل النساء فى أثرها بالدفوف يرقصن ومريم تنشد لهم «غنوا ليا والذى بعظمته قذف الفارس والفرسان فى البحر».
ولكن إذا كان القرظى على علم تام بالتوراة فكيف ينخدع بهذه الصورة ويخلط بين مريم أخت هارون وموسى ومريم أم عيسى؟ هذا ما لا يمكن فهمه.
ويمكن أن نتساءل هنا إذا لم يجب أن تفترض فى هذا الصدد أن القرظى ليس مصدر الرأى الذى عرضه رولاند في اتهامه بزعم وجود خلط بين المريمين (مريم ومريم) فإنه لا الطبرى ولا الفخر الرازى ذكرا هذا الرأى المنسوب إلى محمد بن كعب القرظى وهو المصدر الوحيد الذى وجدناه فيه ولد فى (٧٠١ ه / ١٣٠١ م) توفى (٧٧٤ ه / ١٣٧٣ م) ، وبالطبع فهو متأخر جدا ،
__________________
(١) سورة البقرة ، الآيات (٢٤٦) ـ (٢٥١).