الإثم ، وهذا التوبيخ معبر جدا وبليغ جدا وهذا يتطابق مع البلاغة القرآنية والتى يعد الإيجاز أهم عناصرها.
إذا فنحن نؤيد أنه فى زمن النبى محمد صلىاللهعليهوسلم لم يثر قول «يا أخت هارون» أى مشكلة لا من جانب اليهود ولا النصارى ولا المسلمين من باب أولى لأنهم فهموه بهذا المعنى «أى يا منحدرة من نسل هارون»!
والذى يثير الدهشة حقا أنه لا الطبرى ولا فخر الدين الرازى أيدا هذا التفسير فالأول لا يؤكد هذا الرأى والثانى يفضل عليه الرأى الثالث وهو أن مريم كان لها أخ حقيقى يسمى هارون وكان رجلا تقيا من أتقياء بنى إسرائيل ووجه التعنيف إلي مريم مصحوبا باسمه «ليكون التوبيخ أكثر إيلاما لأن من كانت لها تلك القرابة وأخ مثل هذا الأخ تكون خطيئتها أكثر خطرا (١).
«الرأى الغريب للقرظى» :
ولكن ما لم يقله أحد من المفسرين وهو أغرب الآراء ما قاله محمد بن كعب القرظى وهو ينحدر من قبيلة يهودية بالمدينة طردها وشردها النبى صلىاللهعليهوسلم وهم بنو قريظة وهذا الأصل يشرح رأيه ، ومحمد بن كعب القرظى هذا يزعم أن مريم هى «أخت هارون أما وأبا وهى أخت موسى وقد اتبعت نهج موسى وأتت بشريعته» وينهض ابن كثير (مج ٣ ص ١١٩) للرد بقوة على هذا الرأى ويقول : «هذا الرأى بين الفساد لأن الله يقول فى كتابه أنه أرسل عيسى بعد الرسل مما يعنى أن عيسى كان آخر المرسلين وليس بعده إلا محمد وقد ثبت فى صحيح البخارى عن أبى هريرة أن نبى الله قال «أنا أولى من غيرى بعيسى ابن مريم فليس بينى وبينه نبى «وإن صح ما ادعاه محمد بن كعب القرظى فلن يكون بعده من الأنبياء إلا محمد ويكون قبل سليمان بن داود لأن الله قال : إن داود كان بعد موسى فى هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ثم
__________________
(١) فخر الدين الرازى ـ التفسير (مفاتيح الغيب) سورة مريم آية (٢٨ ص ٣٧١ طبعة. بولاق ـ القاهرة).