السهلة الأخرى ، فلا يجوز أن يؤذى إنسان بل يجب أن يحمى من السرقة والقتل والزنا وأى جريمة أخرى أيا كانت ، ويجب أن يحتقر كل ما فى الدنيا باعتباره عابر وغير ثابت ويستمسك فقط بالأعمال الصالحة التى لن يضيع أجرها وسيكون لنا فى النهاية يوم نعود فيه إلى الله لنجزى على ما فعلنا : فالطيبون سيجدون فى السماء نعيما مقيما وما يشتهون وسيذوق الأشرار فى جهنم عذابا لا نهاية له.
كل هذه المبادئ وكثير غيرها تنتشر فى القرآن بطريقة مفهومة وواضحة أكثر من المبادئ الإنجيلية ، ومن ناحية أخرى إذا سمع أحد الوثنيين كلام أحد المبشرين أن الإله الحق الواحد الذى يتكلم عنه هو واحد وثلاثة وأن الإله حل في رجل وأنه فقير وأنه عانى وصلب ومات ودفن وكان هو نفسه معجزة ، وفى سر القربان المقدس أن سر التوبة ضرورى مطلقا وأن الزواج الآحادي لا بد منه وأن الرباط المقدس لا يفصم ، وأن الحياة يجب أن تكون صليبا متصلا ، وأنه يجب أن يحسن الإنسان حتى إلى أعدائه ، وأن السعادة الحقة تكمن فى أشياء لا تراها العين ، ولم تسمعها الأذن ، ولم تخطر على قلب الإنسان ، وحكم أخرى مشابهة تكون فى متناول السماع الإنسانى أو تكون صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة بالنسبة لحياتنا وحماقتنا الطبيعية فأى وثنى سيسمع هذه الأشياء ويقارنها بمذهب القرآن أنظر إلى أى جهة سيتوجه؟» ، أن أنه سيتوجه حتما ناحية الإسلام ويضيف «رولاند» «إن مراكشى يعلن صراحة أنه لا يؤمن أن الإنجيل الذى يعرض بهذه الطريقة على الناس يمكن أن يجتذب إليه أتباعا ، ويقول إن غير المؤمنين يفضلون محمد ويعتنقون دينه من كل قلوبهم» (الترجمة السابقة ص ٢٢٧ ، ٢٣١).
هذه الموضوعية فى أقوال «مراكشى» (١) تستحق الإشادة فعرضه للعقائد الإسلامية واضح ودقيق ويخلو من الأحكام المسبقة ومن الضرورى أن نركز
__________________
(١) لوفيكو مراكشى : (١٦١٢ ـ ١٧٠٠) ، عالم لاهوت ومستعرب درس المراجع العربية ومن أهم أعماله «المقدمة فى دحض القرآن» ، وقد كتب مقدمة لترجمته للقرآن تحت عنوان «القرآن نص عالمى».