وكان من الضرورى أن ننتظر بعد ذلك أن دون ماريتنيو ألفونسو فيفالدو بعد أن قام بهذا التقريب بين المحمديين والكاثوليك لم يجد أى عقبة فى أن يقرأ كل منهما الكتاب المقدس عند الآخر ولكن على العكس فى نفس الكتاب «قنديل من الذهب فى كنيسة الرب يسوع المسيح» ، يؤكد أن كتاب محمد لا ينبغى أن يقرأ بل على العكس ينبغى أن يهان ويسخر منه ويلقى فى النيران حتى لا نجده فى أى مكان (استشهد به رولاند ـ الترجمة السابقة ص ١٢٥).
ولكن رولاند له رأى آخر مخالف تماما لهذا الرأى ليس لأنه يقدر القرآن والإسلام فهو فى هذه النقطة ليس أقل عنفا تجاه الإسلام من «بيبالدو» ، ولكنه يرحب بقراءة القرآن حتى يعرف الدين الإسلامى بطريقة جيدة حتى يستطيع أن يهاجمه بعد ذلك بكثير من النجاح وأن يتغلب عليه فى جميع النواحى (الترجمة السابقة ص ٢٢٦) ، واعتمادا على قضيته فإنه يستشهد بكلام «مراكشى» المترجم الشهير للقرآن الذى يؤكد فى بداية مقدمته أن الدين الإسلامى احتفظ بكل ما هو أكثر عقلانية واحتمالا فى المسيحية وبكل ما يبدو فى نظرنا موافقا لقانون وسنة الطبيعة وقد استبعد من عقيدته جميع ألوان الغموض الموجودة فى الإنجيل والتى تبدو لنا غير معقولة وغير مفهومة كما أنه استبعد من الأخلاق كل المبادئ المتزمتة والتى يصعب على الناس تطبيقها مما جعل الوثنيين اليوم يشعرون أنهم أكثر ميلا إلى التنكر لوثنيتهم واعتناق الإسلام بصدر رحب واعتناق الشريعة المحمدية أكثر من الشريعة الإنجيلية.
وفى كتابه «دحض القرآن» يقول «مراكشى» أيضا وبمنتهى الوضوح : «لقد اعتقدت دائما أن القرآن والإنجيل حين يعرضان على غير المؤمنين فإنهم يفضلون القرآن على الإنجيل ويجب أن لا نشك فى أن كتاب محمد لا يقدم للعقل أفكارا يصعب على العقل فهمها لا سيما العقل الفاسد وعدو الغموض فمثلا لا يوجد إلا إله واحد حكيم وقدير ، خالق الأشياء كلها ومدبرها ، ومخالف للحوادث ، ويجب أن يصلى له بخشوع وخضوع ، وأن يكون الإنسان متسامحا مع الفقراء ، ويؤدى مناسك الحج ، ويطهر بدنه بالصيام ، ويحافظ على العدل والوسطية وطيبة القلب والشفقة ، وكذلك كل الفضائل