بالقاهرة وناب عن بعض القضاة فيها (١) كما أنّه استلم التدريس في مسجد الشافعي (٢) ، وجاء أيضا عن السمين الحلبي أنه له باع طويل في علم القراءات حيث تولى تدريسها ، وكتابه الدر المصون شاهد صدق على أن السمين الحلبي قد تعمق في هذا الفن «القراءات». فقد عرض السمين الحلبي في كتابه «الدر المصون» طائفة كبيرة من القراءات الشاذة والمتواترة ويذكر لنا صاحب طبقات القراء (٣) أنّه قرأ الحروف بالإسكندرية على أحمد بن محمد بن إبراهيم العشاب وألف تفسيرا جليلا وإعرابا كبيرا وشرح الشاطبية شرحا لم يسبق إلى مثله.
ولا غرو في ذلك فإنه تلقى العلم عن أكابر علماء العصر وشيوخه فأخذ النحو عن أبي حيان وقرأ بالسبع «القراءات» على ابن الضائع كما سنعرف فيما بعد.
شيوخه :
لقد تلقى «السمين الحلبي» علومه على يد علماء أجلاء ، أفادوه كثيرا من العلوم والفنون حيث توافرت لديهم أغلب الخصائص العلمية والمواهب الفكرية ومن هؤلاء العلماء :
١ ـ التقي الضائع (٦٣٦ ـ ٧٢٥ ه):
هو شمس الدين ، محمد بن أحمد بن عبد الخالق ، المصري ، الشافعي ، شيخ القراء في عصره ، قرأ على كمال الدين بن فارس ، وابن ناشره وسمع من الحافظ «الرشيد القرشي» ، ورحلت إليه الطلبة من أقطار الأرض لانفراده بالقراءة دراية ورواية ، تلقى السمين عنه القراءات فنبغ فيها. وكان التقى ـ رحمهالله ـ فقيها شافعيا مشاركا في فنون أخرى (٤).
٢ ـ يونس الدبوسي (٦٣٥ ـ ٧٢٩ ه):
هو فتح الدين ، يونس بن إبراهيم بن عبد القوي ، الكناني ، العسقلاني ثم المصري الدبوسي ، عالم بالحديث معمّر له معجم مخطوط ، تلقى عنه السمين علوم الحديث ، توفي ب «مصر» في جمادى الأولى وقد جاوز التسعين (٥).
٣ ـ العشاب (٦٤٩ ـ ٧٣٦ ه):
هو أبو العباس ، أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد المرادي القرطبي ، المعروف بالعشاب ، إمام مقرئ ثقة ، روى القراءات عن عبد الله بن يوسف ، وروى عنه محمد بن أحمد بن اللبان ، وعبد الوهاب القروي ، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي زكنون. وقد رحل إليه السمين ليقرأ عليه الحروف في الإسكندرية له «تفسير صغير» وكتاب في «المعاني والبيان» ، وكانت وفاته بالإسكندرية (٦).
__________________
(١) طبقات المفسرين ١ / ١٠٠.
(٢) الدرر الكامنة ١ / ٣٦٠.
(٣) غاية النهاية في طبقات القراء ١ / ١٥٢.
(٤) تنطر ترجمته في غاية النهاية ٢ / ٦٥ ـ ٦٧ ، وحسن المحاضرة ١ / ٢٤١.
(٥) تنظر ترجمته في الدرر الكامنة ٥ / ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، وشذرات الذهب ٦ / ٩٢ ، والأعلام ٨ / ٢٦٠.
(٦) تنظر ترجمته في طبقات القراء ١ / ١٠٠ ، والأعلام ١ / ٢٢٣.