٤١ ـ ولمّا أن توافقنا قليلا |
|
أنخنا للكلاكل فارتمينا (١) |
وأما قوله تعالى : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ)(٢) فقيل : على التضمين ، وقيل : هي زائدة.
قوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) الرب لغة : السيد ، والمالك الثابت والمعبود ومنه :
٤٢ ـ أربّ يبول الثّعلبان برأسه |
|
لقد هان من بالت عليه الثّعالب (٣) |
والمصلح. وزاد بعضهم أنه بمعنى الصاحب وأنشد :
٤٣ ـ قد ناله ربّ الكلاب بكفّه |
|
بيض رهاف ريشهنّ مقزّع (٤) |
والظاهر أنه هنا بمعنى المالك ، فليس هو معنى زائدا وقيل : يكون بمعنى الخالق. واختلف فيه : هل هو في الأصل وصف أو مصدر؟ فمنهم من قال : هو وصف ثم اختلف هؤلاء في وزنه فقيل : هو على وزن فعل كقولك : نمّ ينمّ فهو نمّ ، وقيل : وزنه فاعل وأصله رابّ ، ثم حذفت الألف لكثرة الاستعمال كقولهم : رجل بار وبر. ولقائل أن يقول : لا نسلم أن برا مأخوذ من بار بل هما صيغتان مستقلتان ، فلا ينبغي أن يدعي أن ربا أصله راب.
ومنهم من قال : هو مصدر ربّه يربّه ربّا ، أي : ملكه قال : «لأن يربني رجل من قريش أحب إليّ أن يربني رجل من هوازن» (٥) فهو مصدر في معنى الفاعل نحو : رجل عدل وصوم ، ولا يطلق على غير الباري تعالى إلا بقيد إضافة نحو قوله تعالى : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ)(٦) ويقولون : «هو رب الدار ورب البعير» وقد قالته الجاهلية للملك من الناس من غير قيد قال الحارث بن حلزة (٧) :
٤٤ ـ وهو الرّبّ والشّهيد على يو |
|
م الحيارين والبلاء بلاء (٨) |
وهذا من كفرهم.
وقراءة الجمهور مجرورا على النعت لله أو البدل منه ، وقرئ (٩) منصوبا وفيه ثلاثة أوجه : إما «منصوب» بما دل عليه الحمد تقديره : أحمد رب العالمين ، أو على القطع من التبعية ، أو على النداء وهذا أضعفها ، لأنه يؤدي إلى الفصل بين الصفة والموصوف.
__________________
(١) البيت لم أهتد لقائله. انظر المقرب (١ / ١١٥) ، وفيه :
(فلما) رصف المباني (١١٦) ، والكلاكل : جمع كلكل وهو الصدر.
(٢) سورة النمل ، آية (٧٢).
(٣) هو لراشد بن عبد ربه السلمي ، الذي كان يسمى في الجاهلية غاوي بن ظالم ، أو غاوي بن عبد العزى فسماه الرسول راشد بن عبد ربه .. راجع الترجمة من : البداية والنهاية (٥ / ٩٢) ، الاستيعاب (٥٠٥) ، الإصابة (٢٥١٣) ، والبيت في هذه المصادر وفي الأصنام لابن الكلبي (٣١) ، القاموس (١ / ٤١) ، اللسان (ثعلب) ، وهو في الحيوان للجاحظ هكذا :
إله يبول الثعلبان برأسه |
|
لقد ذل من بالت عليه الثعالب |
قال الجاحظ : فصارت مثلا.
(٤) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. انظر ديوان الهذليين (١ / ١٤). لسان العرب (رهب).
(٥) انظر المحرر الوجيز (١ / ١٠٤).
(٦) سورة يوسف ، آية (٥٠).
(٧) الحارث بن حلزة بن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي شاعر جاهلي من أهل بادية العراق وهو أحد أصحاب المعلقات كان أبرص فخورا ، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند ، الملك ، بالحيرة. الأغاني (١١ / ٤٢) ، سمط اللآلئ (١ / ٦٣) ، ابن سلام (٣٥) ، الشعر والشعراء (٥٣) ، الأعلام (٢ / ١٥٤).
(٨) البيت في شرح المعلقات للتبريزي (٤٥٣) ، اللسان (حير). وانظر تفسير القرطبي (١ / ٩٦).
(٩) انظر البحر المحيط (١ / ١٩).