دلالة فيه لجواز أن يكون الأصل : أوساما ووسيما ثم قلبت الكلمة بأن أخرت فاؤها بعد لامها فصار لفظ أوسام : أسماوا ثم أعل إعلال كساء وصار وسيم سميوا ثم أعل إعلال جري تصغير جرو.
فالجواب أن ادعاء ذلك لا يفيد لأن القلب على خلاف القياس فلا يصار إليه ما لم تدع إليه ضرورة.
وهل لهذا الخلاف فائدة أم لا؟ والجواب أن له فائدة وهي أن من قال باشتقاقه من العلو يقول : إنه لم يزل موصوفا قبل وجود الخلق وبعدهم وعند فنائهم لا تأثير لهم في أسمائه ولا صفاته وهو قول أهل السنة.
ومن قال بأنه مشتق من الوسم يقول : كان الله في الأزل بلا اسم ولا صفة فلما خلق الخلق جعلوا له أسماء وصفات وهو قول المعتزلة وهذا أشد خطأ من قولهم بخلق القرآن.
وعلى هذا الخلاف وقع الخلاف أيضا في الاسم والمسمى.
وفي الاسم خمس لغات : «اسم» بضم الهمزة ، وكسرها و «سم» بكسر السين وضمها.
وقال أحمد بن يحيى : «سم بضم السين أخذه من سموت أسمو» ومن قاله بالكسر أخذه من سميت أسمى وعلى اللغتين قوله :
٢٠ ـ وعامنا أعجبنا مقدّمه |
|
يدعى أبا السّمح وقرضاب سمه (١) |
مبتركا لكلّ عظم يلحمه
ينشد بالوجهين وأنشدوا على الكسر :
٢١ ـ باسم الّذي في كلّ سورة سمه (٢) |
|
............... |
فعلى هذا يكون في لام «اسم» وجهان :
أحدهما : أنها واو.
والثاني : أنها ياء وهو غريب ولكن أحمد بن يحيى جليل القدر ثقة فيما ينقل. و «سمى» مثل هدى. واستدلوا على ذلك بقول الشاعر :
٢٢ ـ والله أسماك سمى مباركا |
|
آثرك الله به إيثاركا (٣) |
ولا دليل في ذلك لجواز أن يكون من لغة من يجعله منقوصا مضموم السين ، وجاء به منصوبا وإنما كان ينتهض دليلا لو قيل : سمى حالة رفع أو جر. وهمزته همزة وصل ، أي : تثبت ابتداء وتحذف درجا وقد تثبت ضرورة كقوله :
__________________
(١) لم أهتد لقائله وهو في شرح المفصل لابن يعيش (١ / ٢٤) ، الإنصاف (١٦) ، وأمالي ابن الشجري (٢ / ٦٦) ، اللسان (لحم) ، (سما) ، وفيه وقرضب الرجل إذا أكل شيئا يابسا فهو قرضاب حكاه ثعلب.
(٢) لرجل من كلب. انظر النوادر لأبي زيد (١٦٦) ، الإنصاف لابن الأنباري (١٠) ، وفيه :
باسم الّذي في كلّ سورة سمه |
|
قد وردت على طريق تعلمه |
وقال : ويروى سمه بضم السين وسمّى على وزن على.
(٣) البيت لخالد القناني. انظر الإنصاف (٩) ، وحكى فيها خمس لغات اسم بكسر الهمزة ، واسم بضمها ، وسم بكسر السين ، وسم بضمها. وانظر أوضح المسالك (١ / ١٩) ، المغني (١ / ١٥٤) ، اللسان «سما».