أي : ولمّا أكن بدءا أي : مبتدئا ، بخلاف «لم» فإنه لا يجوز ذلك فيها إلا ضرورة. ومنها : أنّها لنفي الماضي المتصل بزمان الحال و «لم» لنفيه مطلقا أو منقطعا على ما مرّ. ومنها : أنّ «لمّا» لا تدخل على فعل شرط ولا جزاء بخلاف «لم». واختلف في «لمّا» فقيل : بسيطة ، وقيل : مركبة من لم و «ما» زيدت عليها.
وفي قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ) حذف مضاف وحذف موصوف تقديره : ولمّا يأتكم مثل محنة المؤمنين الذين خلوا. و (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلّق ب «خلوا» وهو كالتأكيد ، فإنّ الصلة مفهومة من قوله : «خلوا».
قوله : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ) في هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أن تكون لا محلّ لها من الإعراب لأنها تفسيرية أي : فسّرت المثل وشرحته كأنه قيل : ما كان مثلهم؟ فقيل : مسّتهم البأساء.
والثاني : أن تكون حالا على إضمار «قد» جوّز ذلك أبو البقاء ، وهي حال من فاعل «خلوا». وفي جعلها حالا بعد.
قوله : (حَتَّى يَقُولَ) قرأ الجمهور : «يقول» نصبا ، وله وجهان :
أحدهما : أنّ «حتى» بمعنى «إلى» ، أي : إلى أن يقول ، فهو غاية لما تقدّم من المسّ والزلزال ، و «حتى» إنما ينصب بعدها المضارع المستقبل ، وهذا قد وقع ومضى. فالجواب : أنه على حكاية الحال ، حكى تلك الحال.
والثاني : أنّ «حتى» بمعنى «كي» ، فتفيد العلّة ، وهذا ضعيف ؛ لأنّ قول الرسول والمؤمنين ليس علة للمسّ والزلزال ، وإن كان ظاهر كلام أبي البقاء على ذلك فإنه قال : «ويقرأ بالرفع على أن يكون التقدير : زلزلوا فقالوا ، فالزّلزلة سبب القول» و «أن» بعد «حتى» مضمرة على كلا التقديرين. وقرأ نافع برفعه على أنّه حال ، والحال لا ينصب بعد «حتى» ولا غيرها ، لأنّ الناصب يخلّص للاستقبال فتنافيا.
واعلم أنّ «حتى» إذا وقع بعدها فعل : فإمّا أن يكون حالا أو مستقبلا أو ماضيا ، فإن كان حالا رفع نحو : «مرض حتى لا يرجونه» أي في الحال. وإن كان مستقبلا نصب ، تقول : سرت حتى أدخل البلد وأنت لم تدخل بعد. وإن كان ماضيا فتحكيه ، ثم حكايتك له : إمّا أن تكون بحسب كونه مستقبلا ، فتنصبه على حكاية هذه الحال ، وإما أن يكون بحسب كونه حالا ، فترفعه على حكاية هذه الحال ، فيصدق أن تقول في قراءة الجماعة : حكاية حال ، وفي قراءة نافع أيضا : حكاية حال. وإنّما نبّهت على ذلك لأنّ عبارة بعضهم تخصّ حكاية الحال بقراءة الجمهور ، وعبارة آخرين تخصّها بقراءة نافع. قال أبو البقاء في قراءة الجمهور : «والفعل هنا مستقبل حكيت به حالهم والمعنى على المضيّ» وكان قد تقدّم أنه وجّه الرفع بأنّ «حتى» للتعليل.
قوله : (مَعَهُ) هذا الظرف يجوز أن يكون منصوبا بيقول ، أي : إنهم صاحبوه في هذا القول وجامعوه فيه ، وأن يكون منصوبا بآمنوا ، أي : صاحبوه في الإيمان.
قوله : (مَتى نَصْرُ اللهِ) منصوب على الظرف فموضعه رفع خبرا مقدما ، و «نصر» مبتدأ مؤخر. وقال أبو