أحدها : أن
يكون بدلا من هو بدل ظاهر من مضمر ، إلا أن هذا يؤدي إلى البدل بالمشتقات ، وهو
قليل ، ويمكن : الجواب عنه بأن هاتين الصفتين جر تا مجرى الجوامد ، ولا سيما عند
من يجعل «الرحمن» علما ، وقد تقدم تحقيق ذلك في البسملة.
الثاني : أن
يكون خبر مبتدأ محذوف أي : هو الرحمن ، وحسن حذفه توالي اللفظ ب «هو» مرتين.
الثالث : أن
يكون خبرا ثالثا لقوله : (وَإِلهُكُمْ) أخبر عنه بقوله : (إِلهٌ واحِدٌ) وبقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وبقوله : (الرَّحْمنُ
الرَّحِيمُ) وذلك عند من يرى تعديد الخبر مطلقا.
الرابع : أن
يكون صفة لقوله : «هو» وذلك عند الكسائي ، فإنه يجيز وصف الضمير الغائب بصفة المدح
، فاشترط في وصف الضمير هذين الشرطين : أن يكون غائبا ، وأن تكون الصفة صفة مدح ،
وإن كان الشيخ جمال الدّين بن مالك أطلق عنه جواز وصف ضمير الغائب ، ولا يجوز أن
يكون خبرا ل «هو» هذه المذكورة لأن المستثنى ليس بجملة.
(إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي
تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ
مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ
دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(١٦٤)
قوله تعالى : (اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : «اللَّيْلِ» قيل : هو اسم جنس فيفرق بين واحده وجمعه تاء التأنيث ،
فيقال : ليلة وليل ، كتمرة وتمر ، والصحيح أنه مفرد ، ولا يحفظ له جمع ، ولذلك خطأ
الناس من زعم أن الليالي جمع ليل ، بل الليالي جمع ليلة ، وهو جمع غريب ، ولذلك
قالوا : هو جمع ليلاة تقديرا ، وقد صرح بهذا المفرد في قول الشاعر :
٧٨٩ ـ في كلّ
يوم وبكلّ ليلاه
|
|
...............
|
ويدل على ذلك
تصغيرهم لها على لييلة ، ونظير ليلة وليال كيكة وكياك كأنهم توهّموا أنها كيكات في
الأصل ، والكيكة : البيضة ، وأما النهار فقال الراغب : هو في الشرع لما بين طلوع
الفجر إلى غروب الشمس ، وظاهر اللغة أنه من وقت الإصفار ، وقال ثعلب والنضر بن
شميل : هو من طلوع الشمس ، زاد النضر ولا يعد ما قبل ذلك من النهار ، وقال الزجاج
: أول النهار درور الشمس ، ويجمع على نهر وأنهرة نحو قذال وقذل وأقذلة وقيل : لا يجمع لأنه بمنزلة المصدر ،
والصحيح جمعه على ما تقدم ، قال :
٧٩٠ ـ لو لا
الثّريدان لمتنا بالضّمر
|
|
ثريد ليل
وثريد بالنّهر
|
__________________