٧٧٧ ـ ثنائي عليكم آل حرب ومن يمل |
|
سواكم فإنّي مهتد غير مائل (١) |
أي : إلى سواكم ، وذلك لأن «استبق» إما بمعنى سبق المجرد ، أو المعنى تسابق لا جائز أن يكون بمعنى سبق ، لأن المعنى ليس على اسبقوا الخيرات فبقي أن يكون بمعنى تسابق ، ولا يتعدى بنفسه. والخيرات جمع خيرة وفيها احتمالان :
أحدهما : أن تكون مخففة من «خيرة» بالتشديد بوزن فيعلة نحو : ميت في ميت.
والثاني : أن تكون غير مخففة بل تثبت على فعله بوزن جفنة يقال : رجل خير وامرأة خير ، وعلى كلا التقديرين فليسا للتفضيل والسبق : الوصول إلى الشيء أولا وأصله التقدم في السير ثم تجوز به في كل تقدم.
قوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا) «أين» اسم شرط تجزم فعلين كإن ، و «ما» مزيدة عليها على سبيل الجواز ، وهي ظرف مكان ، وهي هنا في محل نصب خبرا لكان ، وتقديمها واجب لتضمنها معنى ماله صدر الكلام ، و «تكونوا» مجزوم بها على الشرط وهو الناصب لها ، و «يأت» جوابها ، وتكون أيضا استفهاما فلا تعمل شيئا وهي مبنية على الفتح لتضمن معنى حرف الشرط أو الاستفهام.
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(١٥٠)
قوله تعالى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ) : (مِنْ حَيْثُ) متعلق بقوله فولّ ، و (خَرَجْتَ) في محل جر بإضافة «حيث» إليها ، وقرأ عبد الله «حيث» بالفتح ، وقد تقدم أنها إحدى اللغات ، ولا تكون هنا شرطية لعدم زيادة «ما» ، والهاء في قوله : (وَإِنَّهُ لَلْحَقُ) الكلام فيه كالكلام عليها فيما تقدم. وقرئ «تعلمون» بالياء والتاء ، وهما واضحتان كما تقدم.
قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ) : هذه لام كي بعدها «أن» المصدرية الناصبة للمضارع ، و «لا» نافية واقعة بين الناصب ومنصوبه كما تقع بين الجازم ومجزومه نحو : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ)(٢) و «أن» هنا واجبة الإظهار إذ لو أضمرت لثقل اللفظ بتوالي لامين ولام الجر متعلقة بقوله : «فولوا وجوهكم» وقال أبو البقاء : متعلقة بمحذوف تقديره : فعلنا ذلك لئلا ولا حاجة إلى ذلك و «للناس» خبر ل «يكون» مقدم على اسمها ، وهو حجة و «عليكم» في محل نصب على الحال ، لأنه في الأصل صفة النكرة ، فلما تقدم عليها انتصب حالا ، ولا يتعلق ب «حجة» لئلا يلزم تقديم معمول المصدر عليه ، وهو ممتنع لأنه في تأويل صلة وموصول ، وقد قال بعضهم : «يتعلق بحجة» وهو ضعيف ، ويجوز أن يكون «عليكم» خبرا ليكون ، ويتعلق «للناس» ب «يكون» على رأي من يرى أن كان الناقصة تعمل في الظرف وشبهه ، وذكر الفعل في قوله يكون ، لأن تأنيث الحجة غير حقيقي ، وحسن ذلك الفصل أيضا.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ) قرأ الجمهور «إلا» بكسر الهمزة وتشديد اللام ، وقرأ ابن عباس وزيد بن علي وابن زيد
__________________
(١) البيت من شواهد البحر (١ / ٤٣٩).
(٢) سورة الأنفال ، آية (٧٣).