متعلقة بالاعتقاد ، أي : فإن اعتقدوا بمثل اعتقادكم أو متعلقة بالكتاب أي : فإن آمنوا بكتاب مثل الكتاب الذي آمنتم به ، والمعنى : فإن آمنوا بالقرآن الذي هو مصدق لما في التوراة والإنجيل ، وهذا التأويل ينفي زيادة الباء.
و «ما» في قوله : (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ) فيها وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى الذي ، والمراد بها حينئذ : إما الله تعالى بالتأويل المتقدم عند من يجيز وقوع «وما» على أولي العلم نحو : (وَالسَّماءِ وَما بَناها)(١) وإما الكتاب المنزل.
والثاني : أنها مصدرية ، وقد تقدم ذلك والضمير في «به» فيه أيضا وجهان :
أحدهما : أنه يعود على الله تعالى كما تقدم.
والثاني : أن يعود على ما إذا قيل : إنها بمعنى الذي.
قوله : (فَقَدِ اهْتَدَوْا) جواب الشرط في قوله : (فَإِنْ آمَنُوا) ، وليس الجواب محذوفا كهو في قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ)(٢) لأن تكذيب الرسل ماض محقق هناك ، فاحتجنا إلى تقدير جواب ، وأما هنا فالهداية منهم لم تقع بعد فهي مستقبلة معنى ، وإن أبرزت في لفظ المضي.
قوله : (فِي شِقاقٍ) خبر لقوله : «هم» ، وجعل الشقاق ظرفا لهم ، وهم مظروفون له مبالغة في الإخبار باستعلائه عليهم ، وهو أبلغ من قولك هم مشاقون ، ومثله : (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ)(٣) ونحوه. والشقاق مصدر من شاقه يشاقه نحو : ضاربه ضرابا ، ومعناه المخالفة والمعاداة ، وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه من الشق وهو الجانب ، وذلك أن أحد المشاقين يصير في شق صاحبه ، أي : جانبه قال امرؤ القيس :
٧٥٣ ـ إذا ما بكى من خلفها انصرفت له |
|
بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل (٤) |
أي : بجانب.
الثاني : أنه من المشقة ، فإن كلا منهما يحرص على ما يشق على صاحبه.
الثالث : أنه من قولهم : «شققت العصا بيني وبينك» ، وكانوا يفعلون ذلك عند تعاديهم والفاء في قوله : «فسيكفيكم» تشعر بتعقيب الكفاية عقب شقاقهم ، وجيء بالسين دون سوف ، لأنها أقرب منها زمانا بوضعها ، ولا بد من حذف مضاف أي : فسيكفيك شقاقهم ، لأن الذوات لا تكفي إنما تكفي أفعالها ، والمكفى به هنا محذوف أي : بمن يهديه الله ، أو بتفريق كلمتهم.
(صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨) قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ)(١٣٩)
__________________
(١) سورة الشمس ، آية (٥).
(٢) سورة فاطر ، آية (٤).
(٣) سورة الأعراف ، آية (٦٦).
(٤) تقدم.