ومن مجيئه بمعنى العدل قول زهير :
٦٧٩ ـ أرونا خطّة لا عيب فيها |
|
يسوّي بيننا فيها السّواء (١) |
والسبيل يذكر ويؤنث : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(٢) والجملة من قوله : «فقد ضل» في محل جزم لأنها جزاء الشرط ، والفاء واجبة هنا لعدم صلاحيته شرطا.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(١١٠)
قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ) : الكلام في لو كالكلام فيها عند قوله : (يَوَدُّ) أحدكم (لَوْ يُعَمَّرُ)(٣) فمن جعلها مصدرية هناك جعلها أيضا هنا ، وقال هي مفعول يود أي : ود كثير ودكم ، ومن أبى جعل جوابها محذوفا تقديره : لو يردونكم كفارا لسروا ـ أي فرحوا ـ بذلك وقال بعضهم : تقديره : لو يردونكم كفارا لودوا ذلك ، فود دالة على الجواب وليست بجواب لأن «لو» لا يتقدمها جوابها كالشرط ، وهذا التقدير الذي قدره هذا القائل فاسد ، وذلك أن «لو» حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، فيلزم من تقديره ذلك أن ودادتهم ذلك لم تقع ، لأن الموجب لفظا منفي معنى ، والغرض أن ودادتهم ذلك واقعة باتفاق فتقدير : لسروا ونحوه هو الصحيح و «يرد» هنا فيه قولان :
أحدهما ـ وهو واضح ـ أنها المتعدية لمفعولين بمعنى صير ، فضمير المخاطبين مفعول أول و (كُفَّاراً) مفعول ثان ومن مجيء رد بمعنى صير قوله :
٦٨٠ ـ رمى الحدثان نسوة آل حرب |
|
بمقدار سمدن له سمودا |
فردّ شعورهن السّود بيضا |
|
وردّ وجوههنّ البيض سودا (٤) |
وجعل أبو البقاء (كُفَّاراً) حالا من ضمير المفعول ، على أنها المتعدية لواحد وهو ضعيف ، لأن الحال يستغني عنها غالبا وهذا لا بد منه.
و (مِنْ بَعْدِ) متعلق بيردونكم و «من» لابتداء الغاية.
قوله : (حَسَداً) نصب على المفعول له ، وفيه الشروط المجوزة لنصبه ، والعامل فيه ود أي : الحامل على ودادتهم ردكم كفارا حسدهم لكم ، وجوزوا فيه وجهين آخرين :
أحدهما : أنه مصدر في موضع الحال ، وإنما لم يجمع لكونه مصدرا ، أي : حاسدين وهذا ضعيف لأن مجيء المصدر حالا لا يطرد.
الثاني : أنه منصوب على المصدرية بفعل مقدر من لفظه ، أي يحسدونكم حسدا والأول أظهر الثلاثة.
__________________
(١) تقدم.
(٢) سورة يوسف ، آية (١٠٨).
(٣) سورة البقرة ، آية (٩٦).
(٤) البيتان للكميت انظر أمالي القالي (٣ / ١٢٨) ، الحماسة (١ / ٤٦٤) ، الأضداد (٣٦) ، مجالس ثعلب (٢ / ٤٣٩) ، شرح ابن عقيل (١ / ٤٣٠) ، الأشموني (٢ / ٢٦).