أو أكمل حالا
لأنّ الله جعل لهم ملكا ما ، قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ
فَكانَتْ لِمَساكِينَ) خلاف مشهور بين العلماء من الفقهاء واللغويين.
قوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) هذه الجملة عطف على قوله «لا تعبدون» في المعنى ، كأنه قال
: لا تعبدوا إلا الله وأحسنوا بالوالدين وقولوا ، أو على «أحسنوا» المقدّر كما
تقدّم تقريره في قوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ
إِحْساناً)
، وأجاز أبو
البقاء أن يكون معمولا لقول محذوف تقديره : «وقلنا لهم قولوا وقرئ : حسنا بفتحتين وحسنا بضمتين ، وحسنى من غير تنوين كحبلى ، وإحسانا من
الرباعي».
فأمّا قراءة «حسنا»
بالضم والإسكان فيحتمل أوجها ، أحدها وهو الظاهر : أنه مصدر وقع صفة لمحذوف تقديره
: وقولوا للناس قولا حسنا أي : ذا حسن.
الثاني : أن
يكون وصف به مبالغة كأنه جعل القول نفسه حسنا.
الثالث : أنه
صفة على وزن فعل وليس أصله المصدر ، بل هو كالحلو والمرّ ، فيكون بمعنى «حسن»
بفتحتين ، فيكون فيه لغتان : حسن وحسن كالبخل والبخل ، والحزن والحزن ، والعرب
والعرب.
الرابع : أنه
منصوب على المصدر من المعنى ، فإنّ المعنى : وليحسن قولكم حسنا.
وأمّا قراءة «حسنا»
بفتحتين ـ وهي قراءة حمزة والكسائي ـ فصفة لمحذوف ، تقديره : قولا حسنا كما تقدّم
في أحد أوجه «حسنا».
وأمّا «حسنا»
بضمّتين فضمة السين للإتباع للحاء فهو بمعنى «حسنا» بالسكون وفيه الأوجه المتقدمة.
وأمّا من قرأ «حسنى»
بغير تنوين ، فحسنى مصدر كالبشرى والرّجعى. وقال النحاس في هذه القراءة : «ولا
يجوز هذا في العربية ، لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام نحو : الكبرى والفضلى»
، هذا قول سيبويه ، وتابعه ابن عطية على هذا ، فإنه قال : «وردّه سيبويه لأن أفعل
وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ، ويبقى مصدرا كالعقبى
فذلك جائز وهو وجه القراءة بها». انتهى وقد ناقشه الشيخ ، وقال : «في كلامه ارتباك لأنه قال : لأنّ أفعل وفعلى
لا يجيء إلا معرفة ، وهذا ليس بصحيح. أمّا «أفعل» فله ثلاثة استعمالات :
أحدها : أن
يكون معه «من» ظاهرة أو مقدرة ، أو مضافا إلى نكرة ، ولا يتعرّف في هذين بحال.
الثاني : أن
يدخل عليه أل فيتعرف بها.
الثالث : أن
يضاف إلى معرفة فيتعرّف على الصحيح. وأمّا «فعلى» فلها استعمالان ، أحدهما بالألف
واللام ، والثاني : الإضافة لمعرفة وفيها الخلاف السابق. وقوله «إلا أن يزال عنها
معنى التفضيل ويبقى مصدرا» ظاهر هذا أنّ فعلى أنثى أفعل إذا زال عنها معنى التفضيل
تبقى مصدرا وليس كذلك ، بل إذا زال عن فعلى أنثى أفعل معنى التفضيل صارت بمنزلة
الصفة التي لا تفضيل فيها ، ألا ترى إلى تأويلهم كبرى بمعنى كبيرة ، وصغرى بمعنى
صغيرة ، وأيضا
__________________