أبو البقاء ولو قيل آخر لكان على اللفظ يعني آخر بضم الهمزة وفتح الخاء
وباللفظ لفظ الجمع ، فقول السمين يعني هدا يوحي بأن السمين وقف منه في مثل هذا
الأمر موقف المجيز لما أورده أبو البقاء.
قال السمين عند
قوله تعالى : (إِذْ تَمْشِي)
.. والعامل في «إذ تمشي» «ألقيت» أو «لتصنع». وقال أبو البقاء : «إذ تمشي»
يجوز أن يتعلق باحد الفعلين يعقب لسمين على ذلك بقوله يعني بالفعلين ما تقدم من
ألقيت أو لتصنع ....
٢ ـ ابن عطية :
من كتب التراث
القيمة ـ التي تركت أثرا طيبا يمتد ثوابه إلى صحابه ـ كتاب المحرر الوجيز في تفسير
الكتاب العزيز لابن عطية ، كتاب تفسير وإعراب ، له قيمته العالية بين كتب التفسير
، وعند جميع المفسرين ، وذلك لأن مؤلفه أضفى عليه من روحه العلمية الفياضة ما
أكسبه دقة ورواجا وقبولا وهو كثير الاهتمام بالصناعة النحوية ، والكتاب شاهد صدق
على ما أقول ، وقد أفاد منه صاحب «الدر المصون» إفادة واسعة ، إذ أنّه يقتبس منه
نصوصا كثيرة كان فيها ابن عطية يغوص على أبعاد المعاني ويصل إلى نتائج تكشف عن سعة
أفقه وثقافته الواسعة ، ويغلب على موقف السمين من هذه النصوص أنّه كان يكتفي
بعرضها دون أن يعلق عليها بشيء ، ومن أمثلة ذلك :
قال السمين عند
قوله تعالى : (وَما تِلْكَ
بِيَمِينِكَ يا مُوسى) ان تلك موصولة ولم يذكر ابن عطية غيره.
قال السمين عند
قوله تعالى : (... مِنْ آياتِنَا
الْكُبْرى) يجوز أن تتعلق «من آياتنا» بمحذوف على أنّه حال من
الكبرى وتكون الكبرى على هذا مفعولا ثانيا والتقدير لنريك الكبرى حال كونها من
آياتنا أي بعض آياتنا ويجوز أن يكون المفعول الثاني نفس من آياتنا فيتعلق بمحذوف
أيضا وتكون الكبرى على هذا صفة لآياتنا وصفا لجمع المؤنث غير العاقل وصف الواحدة
على حد (مَآرِبُ أُخْرى) و (الْأَسْماءُ
الْحُسْنى) قال السمين : وهذان الوجهان قد نقلهما ابن عطية.
وحينا آخر كان
السمين ينقل نصوص ابن عطية وينتقد بعضها أو يعقب عليها ومن أمثلة ذلك :
قال السمين عند
قوله تعالى : (... إِنِّي أَنَا
رَبُّكَ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح على تقدير الباء أي بأني
... وجوز ابن عطية أن تكون بمعنى لأجل وليس بظاهر.
قال السمين عند
قوله تعالى : (... أَفَإِنْ مِتَّ.)
.. وفي هذه الآية دليل لمذهب سيبويه وهو أنّه إذا اجتمع شرط وقسم أجيب الشرط
فتكون الآية قد دخلت فيها همزة الاستفهام على جملة الشرط والجملة المقترنة بالفاء
جواب الشرط وليست مصب الاستفهام. وزعم يونس أنّ الاستفهام منصب على الجملة
المقترنة بالفاء وأنّ الشرط معترض بين الاستفهام وبينها وجوابه محذوف.
وليس بشيء إذ
لو كان كما قال لكان التركيب أفإن مت هم الخالدون بغير فاء ، وكان ابن عطية نحى
منحنى يونس
__________________