محذوف الفاء وأن الأصل : أوخذ ، عند قوله «فكلا منها رغدا».
قوله : (ما آتَيْناكُمْ) مفعول «خذوا» ، و «ما» موصولة بمعنى الذي لا نكرة موصوفة ، والعائد محذوف أي : ما آتيناكموه.
قوله : (بِقُوَّةٍ) في محلّ نصب على الحال. وفي صاحبها قولان :
أحدهما : أنه فاعل «خذوا» وتكون حالا مقدرة ، والمعنى : خذوا الذي آتيناكموه حال كونكم عازمين على الجدّ بالعمل به.
والثاني : أنه ذلك العائد المحذوف ، والتقدير : خذوا الذي آتيناكموه في حال كونه مشدّدا فيه أي : في العمل به والاجتهاد في معرفته ، وقوله «ما فيه» الضمير يعود على «ما آتيناكم». والتولّي تفعّل من الولي ، وأصله الإعراض عن الشيء بالجسم ، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور والاعتقادات اتساعا ومجازا ، و «ذلك» إشارة إلى ما تقدّم من رفع الطور وإيتاء التوراة.
قوله تعالى : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ) : «لو لا» هذه حرف امتناع لوجود ، والظاهر أنها بسيطة ، وقال أبو البقاء : «هي مركبة من «لو» و «لا» ، و «لو» قبل التركيب يمتنع بها الشيء لامتناع غيره ، و «لا» للنفي ، والامتناع نفي في المعنى ، وقد دخل النفي ب «لا» على أحد امتناعي لو ، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابا ، فمن هنا صار معنى «لو لا» هذه يمتنع بها الشيء لوجود غيره ، وهذا تكلّف ما لا فائدة فيه ، وتكون «لو لا» أيضا حرف تحضيض فتختصّ بالأفعال وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى. و «لو لا» هذه تختصّ بالمبتدأ ، ولا يجوز أن يليها الأفعال ، فإن ورد ما ظاهره ذلك أوّل كقوله :
٥٢٤ ـ ولو لا يحسبون الحلم عجزا |
|
لما عدم المسيئون احتمالي (١) |
وتأويله أن الأصل ولو لا أن يحسبوا فلما حذفت ارتفع الفعل كقوله :
٥٢٥ ـ ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى (٢) |
|
............... |
أي : أن احضر ، والمرفوع بعدها مبتدأ خلافا للكسائي حيث رفعه بفعل مضمر ، وللفراء حيث قال : «مرفوع بنفس لو لا» ، وخبره واجب الحذف للدلالة عليه وسدّ شيء مسدّه وهو جوابها ، والتقدير : ولو لا فضل الله كائن أو حاصل ، ولا يجوز أن يثبت إلا في ضرورة شعر ، ولذلك لحّن المعري في قوله :
٥٢٦ ـ يذيب الرّعب منه كلّ عضب |
|
فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٣) |
__________________
(١) البيت لم أعثر عليه.
(٢) صدر بيت لطرفة بن العبد وعجزه :
............... |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي |
انظر ديوانه (٣٢) ، وهو من شواهد الكتاب (٣ / ٩٩) ، المقتضب (٢ / ٨٥) ، مجالس ثعلب (١ / ٣١٧) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٨٣) ، الصاحبي (١٧٨) ، الإنصاف (٢ / ٥٢٠) ، شرح المفصل لابن يعيش (٢ / ٧) ، ابن عقيل (٢ / ٣٦٢) ، الهمع (١ / ٥) ، الدرر (١ / ٣).
(٣) البيت في المقرب (١ / ٨٤) ، المغني (٣٠٢).