والجمع : عصيّ وعصيّ بضمّ العين وكسرها اتباعا ، وأعص ، مثل : زمن وأزمن ، والأصل : عصوو ، وأعصو ، فأعلّ. وعصوته بالعصا وعصيته بالسيف ، و «ألقى عصاه» يعبّر به عن بلوغ المنزل ، قال :
٤٩٧ ـ فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى |
|
كما قرّ عينا بالإياب المسافر (١) |
وانشقّت العصا بين القوم أي : وقع الخلاف ، قال الشاعر :
٤٩٨ ـ إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا |
|
فحسبك والضحاك سيف مهنّد (٢) |
قال الفراء : «أول لحن سمع بالعراق هذه عصاتي» يعني بالتاء ، و «الحجر» مفعول وأل فيه للعهد ، وقيل : للجنس.
قوله : (فَانْفَجَرَتْ) «الفاء» عاطفة على محذوف لا بدّ منه ، تقديره : فضرب فانفجرت ، وقال ابن عصفور : «إن هذه الفاء الموجودة هي الداخلة على ذلك الفعل المحذوف ، والفاء الداخلة على «انفجرت» محذوفة» وكأنه يقول : حذف الفعل الأول لدلالة الثاني عليه ، وحذفت الفاء الثانية لدلالة الأولى عليها. ولا حاجة تدعو إلى ذلك ، بل يقال : حذفت الفاء وما عطفته قبلها. وجعلها الزمخشري جواب شرط مقدّر ، قال : «أو : فإن ضربت فقد انفجرت» ، قال : «وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ» ، وكأنه يريد تفسير المعنى لا الإعراب.
والانفجار : الانشقاق والتفتّح ، ومنه الفجر لانشقاقه بالضوء ، وفي الأعراف : «انبجست» (٣) ، فقيل : هما بمعنى ، وقيل : الانبجاس أضيق ، لأنه يكون أول والانفجار ثانيا.
قوله : (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) فاعل «انفجرت» ، والألف علامة الرفع لأنه محمول على المثنّى ، وليس بمثنّى حقيقة إذ لا واحد له من لفظه ، وكذلك مذكّره «اثنان» ولا يضاف إلى تمييز لاستغنائه بذكر المعدود مثنّى ، تقول : رجلان وامرأتان ، ولا تقول : اثنا رجل ولا اثنتا امرأة ، إلا ما جاء نادرا فلا يقاس عليه ، قال :
٤٩٩ ـ كأنّ خصييه من التّدلدل |
|
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (٤) |
وثنتان مثل اثنتين ، وحكم اثنين واثنتين في العدد المركب أن يعربا بخلاف سائر أخواتهما ، قالوا : لأنه حذف معهما ما يحذف في المعرب عند الإضافة وهي النون فأشبها المعرب فأعربا كالمثنى بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرّا ، وأمّا «عشرة» فمبني لتنزّله منزلة تاء التأنيث ولها أحكام كثيرة. و «عينا» تمييز.
وقرئ : «عشرة» بكسر الشين وهي لغة تميم ، قال النحاس : «وهذا عجيب فإنّ لغة تميم عشرة بالكسر ، وسبيلهم التخفيف ، ولغة الحجاز عشرة بالسكون وسبيلهم التثقيل». وقرأ الأعمش : عشرة بالفتح. والعين اسم مشترك بين عين الإنسان وعين الماء وعين السحابة وعين الذهب وعين الميزان ، والعين : المطر الدائم ستا أو خمسا ، والعين : الثقب في المزادة ، وبلد قليل العين أي : قليل الناس.
__________________
(١) البيت لمعقد بن حمار وينسب لسليم بن تمامة وينسب لعبد ربه السلمي وهو في اللسان (عما).
(٢) البيت في شرح المفصل لابن يعيش (٢ / ٤٨) ، المغني (٦٢٢) ، القرطبي (١ / ٤١٩) ، الكشاف (٤ / ٣٧٤).
(٣) سورة الأعراف ، آية (١٦٠).
(٤) البيت لخطام المجاشعي ، وهو من شواهد الكتاب (٢ / ١٧٧) ، شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ١١) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٢٠) ، الدرر (١ / ٢٠٩).