(وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ
مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)(٤٩)
قوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ)
: «إذ» في موضع نصب عطفا على «نعمتي» ، وكذلك الظروف التي
بعده نحو : (وَإِذْ واعَدْنا
وَإِذْ قُلْتُمْ). وقرئ : «أنجيتكم» على التوحيد ، وهذا خطاب للموجودين في زمن الرسول عليهالسلام ، ولا بدّ من حذف مضاف أي : أنجينا آباءكم ، نحو : (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) أو لأنّ إنجاء الآباء سبب في وجود الأبناء. وأصل
الإنجاء والنجاة الإلقاء على نجوة من الأرض ، وهي المرتفع منها ليسلم من الآفات ،
ثم أطلق الإنجاء على كل فائز وخارج من ضيق إلى سعة وإن لم يلق على نجوة.
و «من آل»
متعلّق به ، و «من» لابتداء الغاية. و «آل» اختلف فيه على ثلاثة أقوال ، قال
سيبويه وأتباعه : إنّ أصله أهل ، فأبدلت الهاء همزة لقربها منها ، كما قالوا : ماء
وأصله : ماه ، ثم أبدلت الهمزة ألفا ، لسكونها بعد همزة مفتوحة نحو : آمن وآدم ،
ولذلك إذا صغّر رجع إلى أصله فتقول : أهيل. قال أبو البقاء : «وقال بعضهم : أويل ،
فأبدلت الألف واوا ، ولم يردّه إلى أصله ، كما لم يردّوا «عييد» إلى أصله في
التصغير». يعني فلم يقولوا «عويد» لأنه من عاد يعود ، قالوا : لئلا يلتبس بعود
الخشب. وفي هذا نظر ، لأنّ النحويين قالوا : من اعتقد كونه من «أهل» صغّره على
أهيل ، ومن اعتقد كونه من آل يؤول أي رجع صغّره على أويل. وذهب النحاس إلى أنّ
أصله «أهل» أيضا ، إلا أنه قلب الهاء ألفا من غير أن يقلبها أولا همزة ، وتصغيره
عنده على أهيل. وقال الكسائي : أويل ، وقد تقدّم ما فيه. ومنهم من قال : أصله أول
مشتقّ من آل يؤول ، أي : رجع ، لأن الإنسان يرجع إلى آله ، فتحرّكت الواو وانفتح
ما قبلها فقلبت ألفا ، وتصغيره على أويل نحو : مال ومويل وباب وبويب ، ويعزى هذا
للكسائي. وجمعه آلون وآلين وهو شاذّ كأهلين لأنه ليس بصفة ولا علم. واختلف فيه :
فقيل : «آل الرجل» قرابته كأهله ، وقيل : من كان من شيعته ، وإن لم يكن قريبا منه
، وقيل : من كان تابعا له وعلى دينه وإن لم يكن قريبا منه ، قال :
٤٤٨ ـ فلا
تبك ميتا بعد ميت أجنّه
|
|
عليّ وعبّاس
وآل أبي بكر
|
ولهذا قيل : إن
آل النبي من آمن به إلى آخر الدهر ، ومن لم يؤمن به فليس بآله ، وإن كان نسيبا له
، كأبي لهب وأبي طالب. واختلف فيه النحاة : هل يضاف إلى المضمر أم لا؟ فذهب
الكسائي وأبو بكر الزبيدي والنحاس إلى أنّ ذلك لا يجوز ، فلا يجوز : اللهم صلّ
على محمد وآله ، بل : وعلى آل محمد ، وذهب جماعة منهم ابن السّيد إلى جوازه ، واستدلّ بقوله عليهالسلام ، لمّا سئل فقيل : يا رسول الله من آلك؟ فقال : «آلي
كلّ تقيّ إلى يوم القيامة» وأنشدوا قول أبي طالب :
__________________