بالضمّ كان معناه : لا تدن منه».
قوله : (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون مجزوما عطفا على «تقربا» كقوله :
٣٧٨ ـ فقلت له : صوّب ولا تجهدنّه |
|
فيذرك من أخرى القطاة فتزلق (١) |
والثاني : أنه منصوب على جواب النهي كقوله تعالى : (لا تَطْغَوْا* فَيَحِلَّ) والنصب بإضمار «أن» عند البصريين ، وبالفاء نفسها عند الجرمي ، وبالخلاف عند الكوفيين ، وهكذا كلّ ما يأتي مثل هذا.
و «من الظالمين» خبر كان. والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ومنه قيل للأرض التي لم تستحقّ الحفر فتحفر : مظلومة ، وقال النابغة الذبياني :
٣٧٩ ـ إلّا أواريّ لأيا ما أبيّنها |
|
والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (٢) |
وقيل : سمّيت مظلومة لأنّ المطر لا يأتيها ، قال عمرو بن قميئة (٣) :
٣٨٠ ـ ظلم البطاح له انهلال حريصة |
|
فصفا النّطاف له بعيد المقلع (٤) |
وقالوا : «من أشبه أباه فما ظلم» (٥) ، قال :
٣٨١ ـ بأبه اقتدى عديّ في الكرم |
|
ومن يشابه أبه فما ظلم (٦) |
(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٣٧)
قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) : المفعول هنا واجب التقديم لأنه ضمير متصل ، والفاعل ظاهر ، وكلّ ما كان كذا فهذا حكمه. قرأ حمزة : «فأزالهما» والقراءتان يحتمل أن تكونا بمعنى واحد ، وذلك أنّ قراءة الجماعة «أزلّهما» يجوز أن تكون من «زلّ عن المكان» إذا تنحّى عنه فتكون من الزوال كقراءة حمزة ، ويدلّ عليه قول امرئ القيس :
٣٨٢ ـ كميت يزلّ اللّبد عن حال متنه |
|
كما زلّت الصّفواء بالمتنزّل (٧) |
وقال أيضا :
__________________
(١) البيت لعمرو بن عمار الطائي وهو من شواهد الكتاب (٣ / ١٠١) ، المقتضب (٢ / ٢٣) ، الطبري (١ / ٥٢٢).
(٢) انظر ديوانه (٩) ، وهو من شواهد الكتاب (٢ / ٣٢١) ، الخزانة (٢ / ١٢٥) ، العيني (٤ / ٤٩٦) ، الدرر (١ / ١٩١).
(٣) عمرو بن قميئة بن ذريح بن سعد بن مالك الثعلبي البكري الوائلي النزاري شاعر جاهلي مقدم توفي سنة ٨٥ قبل الهجرة الأغاني (١٦ / ١٥٨) ، الخزانة (٢ / ٢٤٩) ، ابن سلام (٣٧) ، الأعلام (٥ / ٨٣).
(٤) البيت من المفضليات (٤٤) ، الطبري (٣ / ٣٢٠).
(٥) انظر مجمع الأمثال (٢ / ٣٣٣).
(٦) البيت لرؤبة انظر ملحقات ديوانه (١٨٢) ، أوضح المسالك (١ / ٣٢) ، الأشموني (١ / ١٧٠) ، الدرر (١ / ١٢).
(٧) تقدم.