٣١٨ ـ نجا سالم والنّفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا (١) |
أي : لم ينج بشيء ، ومنع أبو البقاء نصبه على الاستثناء ، كأنه اعتبر مذهب جمهور البصريين.
والفسق لغة : الخروج ، يقال : فسقت الرّطبة عن قشرها ، أي : خرجت ، والفاسق خارج عن طاعة الله تعالى ، يقال : فسق يفسق ويفسق بالضم والكسر في المضارع فسقا وفسوقا فهو فاسق. وزعم ابن الأنباري أنه لم يسمع في كلام الجاهلية ولا في شعرها فاسق ، وهذا عجيب ، قال رؤبة :
٣١٩ ـ يهوين في نجد وغورا غائرا |
|
فواسقا عن قصدها جوائرا (٢) |
(الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٢٨)
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ) .. فيه أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون نعتا للفاسقين.
والثاني : أنه منصوب على الذمّ.
والثالث : أنه مرفوع بالابتداء ، وخبره الجملة من قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
والرابع : أنه خبر لمبتدأ محذوف أي : هم الفاسقون.
والنّقض : حلّ تركيب الشيء والرجوع به إلى الحالة الأولى. والعهد في كلامهم على معان منها : الوصية والضمان والاكتفاء والأمر. والخسار : النقصان في ميزان أو غيره ، قال جرير :
٣٢٠ ـ إنّ سليطا في الخسار إنّه |
|
أولاد قوم خلقوا أقنّه (٣) |
وخسرت الشيء ـ بالفتح ـ وأخسرته نقصته ، والخسران والخسار والخيسرى كلّه بمعنى الهلاك.
و (مِنْ بَعْدِ) متعلق ب (يَنْقُضُونَ) ، و «من» لابتداء الغاية ، وقيل : زائدة وليس بشيء. و (مِيثاقِهِ) الضمير فيه يجوز أن يعود على العهد ، وأن يعود على اسم الله تعالى ، فهو على الأول مصدر مضاف إلى المفعول ، وعلى الثاني مضاف للفاعل ، والميثاق مصدر كالميلاد والميعاد بمعنى الولادة والوعد ، وقال ابن عطية : «هو اسم في موضع المصدر كقوله :
٣٢١ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عني |
|
وبعد عطائك المئة الرّتاعا (٤) |
__________________
(١) البيت لحذيفة بن أنس الهذلي. انظر ديوان الهذليين (٣ / ٢٢) ، المقرب (١ / ١٦٧) ، رصف المباني (٩٣) ، مجالس ثعلب (٤٥٦) ، اللسان (جفن) ، البحر (١ / ١٢٦).
(٢) انظر ملحق ديوانه (١٩٠) ، والكتاب (١ / ٤٩) ، والخصائص (٢ / ٤٣٢) ، الشذور (٣٣٢).
(٣) البيت في ديوانه (٥٩٨) ، القرطبي (١ / ٢٤٨).
(٤) البيت للقطامي. انظر ديوانه (٤١) ، الخصائص (٢ / ٢٢١) ، شرح المفصل لابن يعيش (١ / ٢٠) ، أمالي ابن الشجري (٢ / ١٤٢) ، أوضح المسالك (٢ / ٢٤٣) ، ـ