اسم استفهام في محلّ رفع بالابتداء ، و «إذا» اسم إشارة خبره. والثاني : أن تكون «ما» استفهامية وذا بمعنى الذي ، والجملة بعدها صلة وعائدها محذوف ، والأجود حينئذ أن يرفع ما أجيب به أو أبدل منه كقوله :
٣١٣ ـ ألا تسألان المرء ماذ يحاول |
|
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (١) |
ف «ذا» هنا بمعنى الذي لأنه أبدل منه مرفوع وهو «أنحب» ، وكذا (ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)(٢) في قراءة أبي عمرو. والثالث : أن يغلّب حكم «ما» على «ذا» ، فيتركا ويصيرا بمنزلة اسم واحد ، فيكون في محلّ نصب بالفعل بعده ، والأجود حينئذ أن ينصب جوابه والمبدل منه كقوله : (ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) في قراءة غير أبي عمرو ، و (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ، قالُوا : خَيْراً)(٣) عند الجميع ، ومنه قوله :
٣١٤ ـ يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم |
|
لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا (٤) |
ف «ماذا» مبتدأ ، و «بال نسوتكم» خبره. الرابع : أن يجعل «ماذا» بمنزلة الموصول تغليبا ل «ذا» على «ما» ، عكس ما تقدّم في الصورة قبله ، وهو قليل جدا ، ومنه قول الشاعر :
٣١٥ ـ دعي ماذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئيني (٥) |
فماذا بمعنى الذي لأنّ ما قبله لا يعلّق. الخامس : زعم الفارسي أن «ماذا» كله يكون نكرة موصوفة وأنشد : «دعي ماذا علمت» أي : دعي شيئا معلوما وقد تقدّم تأويله. السادس : ـ وهو أضعفها ـ أن تكون «ما» استفهاما و «ذا» زائدة وجميع ما تقدّم يصلح أن يكون مثالا له ، ولكنّ زيادة الأسماء ممنوعة أو قليلة جدا.
إذا عرف ذلك فقوله : (ما ذا أَرادَ اللهُ) يجوز فيه وجهان دون الأربعة الباقية.
أحدهما : أن تكون «ما» استفهامية في محلّ رفع بالابتداء ، وذا بمعنى الذي ، و «أراد الله» صلة والعائد محذوف لاستكمال شروطه ، تقديره : أراده الله ، والموصول خبر «ما» الاستفهامية.
والثاني : أن تكون «ماذا» بمنزلة اسم واحد في محلّ نصب بالفعل بعده تقديره : أيّ شيء أراد الله ، ومحلّ هذه الجملة النصب بالقول.
والإرادة لغة : طلب الشيء مع الميل إليه ، وقد تتجرّد للطلب ، وهي التي تنسب إلى الله تعالى وعينها واو من راد يرود أي : طلب ، فأصل أراد أرود مثل أقام ، والمصدر الإرادة مثل الإقامة ، وأصلها : إرواد فأعلّت وعوّض من محذوفها تاء التأنيث.
قوله : «مثلا» نصب على التمييز ، قيل : جاء على معنى التوكيد ، لأنه من حيث أشير إليه ب «هذا» علم أنه مثل ، فجاء التمييز بعده مؤكّدا للاسم الذي أشير إليه. وقيل : نصب على الحال ، واختلف في صاحبها فقيل : اسم الإشارة ، والعامل فيها معنى الإشارة ، وقيل : اسم الله تعالى أي متمثّلا بذلك ، وقيل : على القطع وهو رأي
__________________
(١) البيت للبيد. انظر ديوانه (٢٥٤) ، مجالس ثعلب (٤٦٢) ، المخصص (١٤ / ١٠٣) ، الأزهية (٢١٦) ، رصف المباني (١٨٨).
(٢) سورة البقرة ، آية (٢١٩).
(٣) سورة النحل ، آية (٣٠).
(٤) البيت لجرير انظر ديوانه.
(٥) البيت لسحيم بن وثيل أو المثقب العبدي. انظر الخزانة (٢ / ٥٥٤) ، المغني (٣٣٣) ، الدرر (١ / ٦٠) ، العيني (١ / ٤٨٨).