بالبال حينئذ الذم على ترك قطع الطّريق.
وما ادّعاه ذلك المستدل من عدم تجويز العقلاء اللوم والمعاتبة على ترك الطواف في الصورة المذكورة وبالغ فيه أشدّ المبالغة ، فليس ممّا يعبأ به ويلتفت إليه من له فطرة سليمة وفطنة مستقيمة مع استعمال أدنى تأمّل وتدبّر ، بل انّما هو ممّا يركن إليه الأوهام العامية ويزين في نظرها.
ومن الشواهد على صحّة ما حكمنا بصحّته أنّ قطع الطريق الذي يقولون إنّ استحقاق الذّم والعقاب انّما يصحّ على تركه لا على ترك رفيقه الذي هو الحجّ بناء على امتناعه بدونه على ما فصّل من الدّليل المنقول إنّما هو أمر ذو أجزاء فأي قطعة فرضت منها ولو كانت بقدر شعيره ، بل شعرة وقيل إنّ استحقاق العقاب على تركها يجري الدليل المذكور فيها.
ونقول : لا يعقل استحقاق العقاب على ترك نصفها الأخير مثلا لأنّه إمّا أن يكون في الزمان الذي بازاء النصف الأوّل أو في الزمان الذي بازاء هذا النصف ، لا سبيل إلى الأوّل لأنّ هذا الزمان ما كان زمان هذا الفعل وهو بعينه مثل الزمان السابق على ذي الحجّة بالنسبة إلى الحجّ ، ولا إلى الثاني لأن قطع هذا النصف في هذا الزمان بعد ترك قطع نصف السّابق في الزمان السابق ممتنع فما فرض انّ العقاب على تركه لزم أن لا يكون العقاب على تركه ، بل على ترك نصفه وهكذا ننقل الكلام في ذلك النصف وهلم جرا حتى يلزم أن لا يوجد شيء يكون قابلا لاستحقاق العقاب فيلزم انتفاء صحة الذّم والعقاب رأسا فما هو جوابهم فهو جوابنا.
نعم لو ثبت الجزء الّذي لا يتجزى لكان لهم ملجأ ومنجى لكن هيهات هيهات أين هو وأنى.