وبالجملة : من أنصف من نفسه وراجع إلى عقله ولا يخالف بالتشكيك استقامة فطرته لا يشكّ في ذلك أصلا ، فإذا قيل لم يفعل أمرا قبيحا يلومه العقلاء إلى يوم النحر لكن فعل في يوم النحر ما يلومه العقلاء ويعاتبونه ، وهو أنّه لا يطوف في هذا اليوم مع أنّه في البلد النائي عن مكّة. لحكمت بكذبه وخروجه عن القول المنقول والكلام المعقول من غير توقف. على أن التقرير السابق الّذي ساق إليه الكلام أخيرا لم يجر فيه هذا الاعتراض.
بقي هاهنا شكّان آخران :
أحدهما : أنّ هذا الدليل لو تمّ لدلّ على أن تارك الحجّ بترك المقدمات لا يكون معاقبا بترك الحجّ ، بل بترك مقدّماته ، فلم يكن الحجّ واجبا مطلقا مع أنّ المفروض خلاف ذلك.
وثانيهما : أنّ بطلان التالي ممنوع. كيف وقد ذهب السيّد المرتضى إلى خلاف ذلك كما حكي عنه سابقا فإثباته يحتاج إلى دليل.
والجواب عن الأوّل أنّا نقول : تارك الحجّ بترك الحركة إلى مكّة ، إنّما يستحق العقاب بسبب ما يفضي إلى ترك الحجّ من حيث إنّه يفضي إليه لا انّه يستحق بعد الاستحقاق المذكور استحقاقا ثانيا في زمان الحجّ ولم يثبت ذلك يحتاج بيانه إلى دليل.
وبالجملة : كونه واجبا مطلقا يقتضي ان يكون استحقاق العقاب ناشئا من جهة تركه سواء كانت العلّة في حصوله نفس الترك أم سببه من حيث إنّه يفضي إليه تدبّر.
وعن الثاني : أنّا نعلم أنّ السيّد إذا قال لعبده : اسقني الماء إذا كان الماء على