وجوبه بما يتوقف عليه وجوبه من حيث هو كذلك وقيد الحيثية للإشارة إلى أنّ الإطلاق والتقيّد إنّما يعتبران بالنسبة إلى شيء بشيء فيجوز أن يكون الواجب الواحد مطلقا بالنسبة إلى شيء مقيدا بالنسبة إلى آخر كصلاة الجمعة فانّها بالنسبة إلى العدد مثلا مقيدة وبالنسبة إلى السعي مطلقة.
ولا يخفى ما في التعريفين المذكورين إذ لم يعتبر فيما قيد به الوجوب نفيا وإثباتا في الإطلاق والتقييد كونه مما يتوقف عليه وجود الواجب ، بل إنّما هو أعم من ذلك وهو ظاهر ، فعند أخذه على ما ذكر ينتقض التعريف الأوّل عكسا على وجه ومنعا على آخر والثاني عكسا على الوجهين.
فالأولى (١) حذف ذلك القيد والتعميم فيما قيد به ، ولا خلاف لأحد كما هو الظاهر في أنّ إيجاب القسم الثاني ليس إيجابا لمقدمته أي ما يتوقف عليه وجوبه سواء توقف عليه وجوده أم لا ، فالتكليف بالحج مثلا ليس تكليفا بتحصيل الاستطاعة ، والتكليف بالزكاة ليس تكليفا بتحصيل النصاب ، والتكليف بالصّعود إن كان السلّم منصوبا ليس تكليفا بنصب السّلّم.
وأمّا القسم الأوّل فقد وقع الخلاف بين العلماء بأن إيجابه هل هو إيجاب لمقدّمته أي ما يتوقف وجوده عليه عقلا أو شرعا أو عادة بشرط كونها مقدورة ، أو لا؟
والحاصل : أنّ الواجب (٢) اذا كان مطلق بالنسبة إلى مقدمته بالمعنى
__________________
(١) انّما قلنا فالأولى ولم نقل فالصواب لجواز أن يكون مرادهم تعريف الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى المقدمة ويريدوا بالوجود ما يعمّ الوجود المعتبر في نظر الآمر والعادي (كذا) ، فتأمّل. منه رحمهالله.
(٢) هكذا قيل ، وفيه نظر ؛ لأنّ الواجب المطلق ليس بالنسبة إلى مقدّماته الغير المقدورة من قبيل القسم الثاني ، إذ ليس وجوبه مشروطا بوجود تلك المقدمات ، بل مشروط بمقدوريّتها ، فيكون الواجب