كذلك كان المانعية من الطرفين لاستواء النسبة ، فإذا كانت الصلاة مثلا مانعة من الزنا كان الزنا أيضا مانعا منها وحينئذ كان الزنا موقوفا على عدم الصلاة فيكون وجود الصلاة علّة لعدم الزنا والحال أنّ عدم الزنا علّة لوجود الصلاة ، لأنّ رفع مانع الشيء في علل وجوده فيلزم أن تكون العلّية من الطرفين.
ويمكن أن يقال : إذا حصل ترك الحرام بارتكاب فعل ما يجب صار ذلك الحرام ممتنع الصدور من المكلف في الزمان الثاني ، ففي الزمان الثاني لا يكون مكلفا بالترك لأنّ التكليف فرع القدرة فلا يجب عليه فعل ما لأجل الترك المذكور ، بل كلّما صدر عنه كان متّصفا بالإباحة حينئذ ، وكذلك صدور الحرام عن بعض الجوارح قد يكون ممتنعا في بعض الأوقات بناء على انتفاء شرائط التمكن ، وحينئذ لا يكون مكلفا بالترك كما بيّنّا فكلّ فعل صدر عنه حينئذ كان متصفا بالإباحة فلا يلزم انتفاء المباح رأسا.
وقد يجاب أيضا بالتزام أنّ الفعل مباح في حد ذاته واجب من حيث إنّه لا يمكن ترك الحرام إلّا به ويمنع الإجماع على الإباحة إلّا من الحيثية المذكورة.
ومنها : لو وجبت لوجبت نيّتها لكن التالي باطل بالإجماع ، وجوابه بمنع الملازمة إذ وجوب النيّة ليس إلّا في الواجبات بالأصالة وما قصد به التعبد دون غيره من الواجبات كالصدق وأداء الأمانة والعدل ، إذ الغرض بها غير التعبّد ، فكذلك المقدمة ، لكون الغرض منها الايصال إلى الغير وهو يتمّ بدون النيّة ، نعم ترتب الثواب عليها يتوقف على النيّة ولا قدح فيه.
ومنها : لو كانت واجبة لكانت مقدرة شرعا وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق والتالي باطل ، إذ لا تقدير لها شرعا.
وجوابه : انّه إن أراد بالتقدير الشرعي تقديرا معينا بألفاظ دالّة على تعيين