مستحقا للعقاب ، بسبب تركه ، أو بسبب ترك ما كان واجبا لأجله ، وما ذكرت لا يدفع ذلك ، وأمّا أن تعلق الإرادة به على سبيل التعميم فغير ثابت فالتزام خلافه غير قادح في المطلوب.
الوجه الرابع : حقيقة التكليف عند العدلية هي إرادة الفعل على جهة الابتداء بشرط الإعلام فالذي عليه مدار الإطاعة والعصيان هي الإرادة المتعلقة بالشيء والألفاظ إنّما هي أعلام دالّة عليها ، والعلامة قد يكون شيئا آخر من دلالة العقل أو نصب قرينة اخرى.
وذهب الأشاعرة إلى أن التكليف لا يستلزم الإرادة والدلالة عليها بل الطلب الذي هو مدلول صيغة الأمر شيء آخر وراء الإرادة يسمّونه كلاما نفسيا.
وعند المعتزلة والإمامية أنّه ليس هاهنا معنى يصلح لأن يكون مدلول صيغة الأمر إلّا الإرادة وقد طال التشاجر وامتدّ النزاع بينهم والحق مختار العدلية ، وتمام القول في ذلك متعلّق بفن الكلام ولا يسعه المقام ، وظنّي أنّه يكفيك مئونة التشاجر أن تراجع وجدانك عند حصول الأمر هل تجد في نفسك كيفية اخرى يصلح لأن يكون مدلول الصيغة أم لا ، فإنك عند التأمّل في النفس والكيفيّات والهيئات العارضة لها لم تجد شيئا كذلك ، فإذا تأمّلت وجدت العلم والقدرة والإرادة والكراهة والشهوة والنفرة والهم والغم والفرح ، إلى غير ذلك من المعاني المعلومة ولم تجد المعنى الذي يجعلونه مدلول الأمر ، نعم إذا تحقق الإرادة وتخلف إطلاق الصيغة لمانع فعند (عند) حدوث الصيغة يتوهم للاوهام اقتضاء حالة اخرى.
والتحقيق : أنّه لم يحدث في هذه الحالة للنفس كيفية اخرى إلّا العلم بالاعلام والعلم بعلم المأمور بالإرادة ، أو غير ذلك ممّا يتبع الاعلام التابع لإطلاق اللفظ ،