النوم لم يكن الا ترك مقدمات الفعل مع أنّ المفروض عدم وجوبها.
لا يقال نختار أنه يستحق العقاب في زمان الحج مثلا.
قلتم : إنّ الحج في ذلك الزمان ممتنع بالنسبة إليه فكيف يستحق العقاب بتركه؟
قلنا : إن أردتم أنّ الحج في ذلك الزمان بشرط عدم المقدمات ممتنع بالنسبة إليه فمسلم ، لكن لا يجدي نفعا ، لأنّه لم يجب عليه الحج بهذا الشرط ، وإن أردتم أنّ الحج في زمان اتفق فيه عدم المقدمات ممتنع بالنسبة إليه فممنوع إذ يمكن مع انتفاء عدم المقدمات ، إذ فرق بين المشروط بشرط الوصف ، والمشروط بما دام الوصف ، فإن سكون الأصابع في زمان الكتابة ممكن وبشرط الكتابة ممتنع.
لأنّا نقول : غاية ما ذكرت أنّ الحج في ذلك الزمان ممكن لذاته والإمكان الذاتي لا يكفي مصححا للتكليف إذا تحقّق امتناع الفعل لعلّة سابقة على ذلك الزمان ، سواء كانت العلّة من فعل المكلف أو من فعل غيره والقائلون بامتناع التكليف بما لا يطاق لا يخصونه بالممتنع الذاتي على ما صرّحوا به مع أنّ أدلّة ذلك من القبح والسفه العقلي وانتفاء غرض التكليف وعدم إمكان تعلق الإرادة والميل النفساني جار هاهنا.
ألا ترى انّه إذا قيل يوم النحر للساكن في البلد النائي عن مكة : طف بالبيت هذه الساعة ، لنسب إلى ضعف الحلم ووهن اللب وليس المانع من هذا القول لفظيا بل المانع معنوي ، وبالجملة من أنصف من نفسه وراجع إلى عقله ولا يخالف بالتشكيك استقامة فطرته لا يشكّ في ذلك أصلا.
فإذا قيل : لم يفعل أمرا قبيحا يلومه العقلاء إلى يوم النحر لكن فعل في يوم