وأورد على هذا ، بأن الزائد إنّما يجوز تركه إلى بدل ، وهو الأقل ولا استحالة أن يكون الأقل في ذاته فردا مستقلا من الواجب وجزءا من فرد آخر.
وغايته التخيير بين الجزء والكل ، وهو جائز عقلا ، واقع شرعا ، كما في أماكن التخيير بين القصر والتمام في مشهور الأصحاب. وقد يفرق بين متعاقب الاجزاء ودفعيّها ، فيوصف الزائد في الثاني بالوجوب دون الأوّل ، لتحقق البراءة في المتعاقب بالمسمّى أولا ، بخلاف الدفعي ، لتساوي الاجزاء في صلاحية الامتثال وعدم الترجيح.
وفيه ضعف ، لأنّ جواز الترك لا إلى بدل قائم في الصورتين ، واستواء الاجزاء عندنا لا يقدح. فإنّ الله تعالى يحتسب المسمّى واجبا ويلغي الزائد من الوجوب وإن وقع في صحبة الواجب.
وهذا كما لو أوقع خصال الكفارة دفعة ، فإنّ الموصوف بالوجوب أحدها ، وتساويها في صلاحية الامتثال دفعة لا يخرجها كلّها إلى وصف الوجوب.
والمسألة محل إشكال ، إذ يمكن أن يقال : المتبادر من الواجب ما لم يجز تركه إلّا إلى بدل ابتداء ، بحيث يكون المكلف عند أوّل إيقاعه لا مندوحة له ، إلّا بالعدول إلى بدله بعد تركه وما نحن فيه كذلك. وإنّما يصير الأقل المفعول قبله بدلا.
ويمكن أن يقال ، إذا ثبت التخيير بين الجزء والكل كان الامتياز بينهما ابتداء بالقصد ، فلا يقع الأقل بدلا إلّا إذا قصد ابتداء فيصدق أنّ العدول عن الأكثر إلى بدل هو الأقل.
ويتفرع عليه ما ذكره بعض المتأخرين ، من أنّه لو قصد الامتثال بالأكثر ابتداء