البلد مسلم ، وظاهر أنّه يصحّ أيضا أتيقّن أنّ بعض أهل البلد كافر ، ولا خفاء في أنّ القضيّتين في قوة النقيضين فلا يجوز تعلّق الظنّ بأحدهما واليقين بالاخرى.
فيجاب حينئذ بمنع صحّة قضية الاولى ولزومها ممّا ذكر.
بيانه : أنّ كون كلّ واحد مظنون الإسلام معناه كون كلّ واحد بحيث إذا تصوّر بخصوصه كان قد تعلّق الظنّ بإسلامه ومعنى كلّ أهل البلد مسلم كون كلّ واحد منهم مسلما في الواقع ولا شكّ أنّ اليقين بالأولى لا يستلزم الظنّ بالثانية بلا مرية.
فإن قلت : لا شكّ أنّ معنى كلّ أهل البلد مسلم ليس إلّا أنّ هذا مسلم وهذا مسلم وهذا مسلم إلى آخر الأفراد ، وظاهر أنّا إذا حكمنا على هذا بأنّه مسلم يتعلّق الظنّ بذلك الحكم وقد اعترفت به أيضا غير مرّة.
فعلى هذا نقول : إذا حكمنا على هذا بأنّه مسلم يتعلّق الظنّ به وكذا هذا وهذا وهذا.
وقد قرّرنا أنّه ليس معنى كلّ أهل البلد مسلم ، إلّا مجمل هذا التفصيل إذ ليس فيه الحكم على المجموع من حيث المجموع بالاسلام حتى يحصل بينهما تفاوت بل ليس الحكم إلا على الأفراد فلا يكون بينهما تفاوت إذ لا معنى له فيلزم أن يتعلّق الظنّ به أيضا البتة ويتم الخلف.
قلت (١) : هذا وإن كان مجملا للتفصيل المذكور لكن الحكم في التفصيل
__________________
(١) في بعض النسخ هكذا : قلت :
إن جعل معنى قولنا : أظنّ أنّ كلّ أهل البلد مسلم إنّي أظنّ أنّ هذا مسلم وأظنّ أن هذا مسلم وأظنّ أن هذا مسلم ـ إلى آخر الأفراد ـ فيلزم صدقه إذ هو بعينه معنى الظنّ بالتفصيل والفرق بالاجمال والتفصيل ولا محذور فيه.
وإن جعل معناه : انّي أظنّ أنّ تلك الأحكام صادقة معا في الواقع فلا نسلّم أنّ الظنّ بالتفصيل مستلزم لذلك إذ الظنّ بالتفصيل ظنون يتعلّق كلّ واحد منهما بواحد من تلك الأحكام وظاهر أنّ ذلك لا يستلزم الظنّ بأنّ جميع تلك الأحكام متحقّقة في الواقع إذ يجوز أن يتعلّق ظنون بأمور ومع ذلك نعلم يقينا أنّ بعض تلك الظنون خطأ والحاصل أنّ الظنون المتعلّقة بالتفصيل بمنزلة ظنون يتعلّق كلّ منها بجزء شيء والظنّ المتعلّق بالقضيّة المجملة ظنّ متعلّق بوقوع ذلك الشيء ولا نسلّم أنّه إذا تعلّق ظنون بأجزاء شيء يلزم أن يتعلّق الظنّ بذلك الشيء أيضا وهو ظاهر ، فهذا آخر ما ينحلّ إليه الشبهة. وقد غيّر بعض هذه الشبهة بأدنى تغيير ...