اليمين واليسار فبالتكاثف يزيل الهواء من طريق الحجر ليمكن الهبوط ، وبالتخلخل يخرج من الجانبين من دون لزوم محذور وينتهي تخلخله إلى حيث يصل إلى الهواء الذي صار متخلخلا بالقسر لتملأ موضع الحجر عن هبوطه لئلا يلزم الخلاء ، وإذا وصل إلى ذلك الهواء يعود ذلك الهواء إلى طبعه بالتكاثف ويملأ مكانه الهواء الخارج من طريق الحجر بالتخلخل ، ويستقرّ جميع الأهوية على طباعها ، ولو فرض أنّه يستبعد أحد وقوع التكاثف والتخلخل معا في زمان واحد ، فله أن يختار التخلخل فقط. ويقول : إنّ التخلخل من جانبي اليمين واليسار يلزمه انتقاص الحجم من جانب العمق بديهة وبذلك يصير الحجر مخلّى السرب في تمكّنه الهبوط.
فإن قلت : فلا بدّ في آخر الحركة أن يخرج الهواء دفعه من البين حتّى يمكن وصول الحجر إلى الأرض وهو محال.
قلت : ليس كذلك ، لأنّ الحركة ليس لها آن آخر كما أنّ ليس لها آن أوّل ، بل ليس لها إلّا آن هو ابتداء زمانه وآن هو انتهاؤه ، وليس في شيء منهما جزء من أجزاء الحركة بل الحركة مفقودة فيهما ، وآن الانتهاء هو آن الوصول ، وحينئذ لا بين ولا هواء حتّى يلزم أن يخرج دفعة ويكون محالا. وكلّ آن نفرض قبل هذا الآن يكون بين الحجر والأرض مسافة ، ويجيء الحجر بالتدريج ويخرج الهواء كذلك بالنحو الذي صوّرنا من التكاثف والتخلخل أو التخلخل فقط.
فإن قلت : فعلى هذا يمكن أن يقال : إنّ التكاثف أيضا يكفي في دفع الشبهة ، إذ كلّ ما يتكاثف ينقص شيء ويخلو المكان ويمكن هبوط الحجر وهكذا إلى أن يصل إلى الأرض ، وليس آن هو آخر آنات الحركة كما قرّرت حتّى يقال : إنّ في هذا الآن لا بدّ إمّا أن يعدم ذلك الهواء المتكاثف أو يخرج دفعة