بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إذا هبط حجر إلى الأرض فلا شكّ أنّه لا بدّ من مزايلة الهواء الذي في المسافة حتّى يمكن الهبوط وإلّا يلزم التداخل المحال.
ومزايلة الهواء إمّا بالخروج عن الطريق وإمّا بالتكاثف. والأوّل محال ؛ لأنّ الخروج إمّا عن أحد طرفي الحجر أو عن الطرفين جميعا بأن يتحرّك نصفه إلى طرف من الحجر ونصفه الآخر إلى طرف آخر منه ؛ فإن كان من طرف فلا بدّ أن يكون كلّما يتحرّك جزء إلى الخروج من ذلك الطرف يجيء مكانه جزء آخر لئلّا يلزم الخلاء وهكذا ، فيلزم لا محالة أن لا يخلو مكان أصلا حتّى يمكن للحجر الهبوط بل كان مالئا دائما. وقس عليه حال الخروج عن الطرفين أيضا.
والحاصل أنّه يلزم في الصورتين إمّا الخلاء أو بقاء الملإ دائما وكلّ منهما محال.
وأمّا الثاني : فمع الإغماض عن أنّه يستبعد أن يحتمل الهواء الذي ليس في مضيق تكاثف مقدار فرسخ أو فرسخين بل يقدر مقعر فلك القمر إلى وجه الأرض ، نقول : إنّ تلك الأهوية المتكاثفة إلى ما يصير حالها آخر الأمر ، فإمّا أن ينعدم بالمرّة وهو مخالف لقواعدهم ، أو يخرج وقد عرفت أن خروجها محال ، أو يبقى فيلزم أن لا يمكن وصول الحجر إلى الأرض ؛ وهو ظاهر.
والجواب : أنّه يتكاثف بالتدريج ويتخلخل أيضا بحيث يكون الحركتان معا ، ولا نسلّم استحالته ؛ لأنّ التكاثف من جهة العمق والتخلخل من جانبي