وإن كان غيره فلعلّ فائدته في العاجل إصلاح المعاقب وردعه وزجره عن القبيح ثانيا ، لأنّ ما قلنا : إنّ ذات الفاعل يوجب الفعل ليس معناه أنّه لا يمكن أن ينفكّ عنها ذلك الإيجاب ، بل يجوز أن يرتفع عنه ذلك الإيجاب بسبب التنبيهات والتهديدات والمواعظ والنصائح والتوبيخات والتثريبات والترهيبات والترغيبات والحدود والعقوبات ، وليس جواز هذا الانفكاك بقادح في شيء ممّا ذكرنا وقدّمنا سابقا أصلا.
وأمّا في الآجل ، فإن كان المعاقب ممّن يخلص عن العقاب آخرا ، فلعلّها أيضا إصلاحه ، إذ يجوز أن لا يكون بدون ذلك الإصلاح قابلا لدخول الجنّة ولا لإبقائها ، وإن لم يخلص عنه فالخلاص مشكل.
وإن لم تكن منهم ، فإن كنت من القائلين بالحسن والقبح لكن لا تقول بشوب الاختيار بالوجوب واللزوم وغرضك الإلزام ، فإمّا أن تعترف بالشرع أو لا ، فان تعترف بالشرع ، فنقول بعد طيّ ما ذكر : إنّ إلزامك علينا لا وجه له ، لأنّه وارد عليك أيضا بلا تفرقة أصلا ، وإن لم تعترف به فإن كان كلامك في العذاب الدائم فأنت أيضا مبتلى به ، فبأيّ شيء تلزمه علينا؟ وإن كان في العذاب الدائم وبغيتك ـ معاذ الله ـ إبطال الشرع على هذه القاعدة ، فجوابك قد ظهر ممّا قدّمنا.
وإن لم تكن من القائلين بالحسن والقبح العقليين ، فإمّا من جملة المعترفين بالشرع أو لا؟
وعلى الأوّل نقول : غرضك بالحقيقة إبطال تلك القاعدة ، فبعد الإغماض عمّا ذكرنا نقول : إنّ تلك القاعدة ضرورية عقليّة لا يصغى إلى الشبهة فيها كما أسمعناك غير مرّة.
وعلى الثاني : فإن كان الكلام في العذاب الغير الدائم ، فإن كان المقصود ـ