هذا الحكم من الشرع ضرورة فلا تسمع الشبهة في مقابله كما لا تسمع الشبهة في مقابل الضروريات العقلية ، كشبهة السوفسطائية ونحوها ، فلا يقدح عدم القدرة في حلّها في شيء.
وفيه شيء ، وهو أنّ [بعد] إثبات الشرع بالدليل فإذا فرض أنّ خلود الكفّار ثبت ضرورة من الشرع ، فليس الأمر ما (ممّا ظ) لا تسمع الشبهة في مقابله ، لأنّ ما لا تسمع الشبهة في مقابله هو الضروري الأولى وهذا ليس كذلك كما لا يخفى.
فإن قلت : ما معنى قولهم : إنّ الشبهة لا تسمع في مقابلة الضروري وأنّ العجز عن حلّها لا يقدح في ضروريّته والقطع به. أليست الشبهة أيضا مبادئها الأوّليّة مقدّمات يدّعي المشكّك بداهتها ضرورة ، فإن كانت بديهة تذعن بها بأحد الوجوه الستّة المشهورة في البديهيّات فآل الأمر إلى تعارض البديهيين فلم لم يسمع تجادلهما ولم لم يصغ إلى تحاورهما؟
وإن لم تذعن ، بل تولي وتنكر فهو بعينه الجواب عن الشبهة وحلّها ، لأنّ مرجع عدم الإذعان إلى المنع الذي هو وجه دفع الشبهة ورفعها وطريق قطعها وقمعها ويرد حاكم العقل دعواها بمجرّد هذا الإنكار من دون حاجة إلى يمين أو سند وشاهد يقوي الاعتبار ، فكيف يجتمع إذن العجز عن حلّ الشبهة وجوابها مع عدم الإصغاء إلى قولها والالتفات إلى خطابها ، إذ في الصورة الاولى تكون قويّة معتبرة وفي الثانية مقهورة منكسرة ولا مخرج عن الصورتين وفيهما جميعا لم يلزم اجتماع الأمرين.
قلت : عدم الالتفات إلى الشبهة في مقابل الضرورة كان له معنيين :
أحدهما : أنّ مقدّمة إذا كانت بديهيّة في نظر العقل فلا يلزم حينئذ الالتفات إلى الشبهة التي تردّ عليها والتعرّض لدفعها ، ضرورة أنّها باطلة البتة ، وعند